وزارة التموين تنصح الأغلبية بالاستثمار في الذهب… وتطمئن الخائفين من الدمغة بالليزر «ثرواتكم في أمان» كلمات مفتاحية

القاهرة ـ «القدس العربي»: أمضت صحف القاهرة إجازة نهاية الأسبوع ويومي السبت والأحد 19 و20 فبراير/شباط، لاهثة وراء شخصيات من ورق ومعارك محروقة سلفا، والهدف الذي يتفق عليه الكثيرون من وراء تلك المعارك الوهمية، يتمثل في صرف أبصار الأغلبية وعقولها عن التهديدات الكبرى التي تنتظرها. وبدوره لعب الإعلامي إبراهيم عيسى دور البطولة في لفت الأنظار، بسبب تصريحاته التي كذّب فيها الإسراء والمعراج بنبي الإسلام.ومن جانبه هاجم المهندس سامح بسيوني رئيس الهيئة العليا لحزب النور، إبراهيم عيسى، وقال بيان صادر عن الحزب، إن التصريحات والأفعال الهدامة لثوابت الدين وقيم وأخلاق المجتمع من بعض الإعلاميين (مُدَعي الثقافة) والمدعومين من المنظمات الغربية، أمثال المدعو إبراهيم عيسى وغيره، تتم بطريقة ممنهجة ومستمرة ومستفزة لجماهير الشعب المصري، المحب لدينه والمُعظم للقيم والأخلاق. وقال الدكتور أحمد حسين عميد كلية الدعوة في جامعة الأزهر، إن تصريحات عيسى حول رحلة الإسراء والمعراج عارية تماما من الصحة، فالإسراء حدث والمعراج حدث، وهذه حقيقة لا تحتمل الجدل. وأوضح «الأمة أجمعت سلفا وخلفا على أن الإسراء والمعراج حصل بالروح والجسد، يقظة لا مناما، والإسراء ذُكر في كتاب الله الكريم، والمعراج ذُكر في السنة، والعديد من الأحاديث». من جانبه قال الدكتور عبدالله النجار عضو مجمع البحوث الإسلامية، إن التشكيك في واقعة الإسراء والمعراج، يدل على «انفلات في الفكر»، مشيرا إلى أن «هناك نوعا من البشر يسيئون استخدام الحرية، ولا يحترمون العقول والأديان، ولا يتحكمون في ألسنتهم وأفكارهم وعقولهم».ودخل علاء مبارك، خط الأزمة، مستنكرا حديث إبراهيم عيسى عن النبي (ص)، مستخدما كلمة «إنه طلع»، مضيفا: «هذا أسلوب لا يليق». ومضى علاء مخاطبا عيسى: «دا كلام تقوله لواحد صاحبك على القهوة، أما مع رسول الله فنلتزم الأدب». ومن أخبار “بيت العرب”: قال أحمد أبوالغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، إن التحديات التي تواجه الدول الوطنية العربية تفرض على الجميع التيقظ والانتباه لمُخططات تستهدف تقسيم المجتمعات على أساس طائفي، أو عِرقي، أو ديني، أو مناطقي؛ بحيث تفقد المواطنة الحديثة في دولة القانون معناها وقيمتها.ومن أخبار التجارة: افتتح الدكتور علي المصيلحي وزير التموين معرض “نبيو الدولي” لانتاج وتصدير المشغولات الذهبية، وتحدث وزير التموين عن آخر ما تم بشأن إنشاء مدينة الذهب الجديدة، التي تعد خطوة محورية نحو تطوير صناعة المشغولات الذهبية، وكذلك إنشاء أول مدرسة تكنولوجيا تطبيقية متخصصة في صناعة الحلي والمجوهرات، ومشروع دمغ المشغولات الذهبية بالليزر. ويتوقع ناجي فرج مستشار وزير التموين والتجارة الداخلية لشؤون الذهب، زيادة سعر الغرام خلال عدة أشهر ليسجل سعر الغرام ألف جنيه. ووجه فرج، نصائح للمواطنين للاستثمار في الذهب كمخزن للقيمة، قائلا: “مش شرط يكون الاستثمار بس في الجنيهات، الذهب والسبائك ممكن كمان المشغولات الذهبية ممكن تستخدم في التزين وكمخزن للقيمة”، وحول القلق من الدمغة الجديدة ومصير المشغولات القديمة أو المتوارثة قال: “الدمغ بالليزر يمنع الغش وليس له علاقة بالسعر وبعد تشغيل منظومة الدمغة بالليزر، سوف تتوقف تماما منظومة الدمغة القديمة”. ومن أخبار الحوادث: تمكنت مباحث المصنفات من إلقاء القبض، على الصيدلي أحمد أبو النصر الشهير بطبيب الكركمين، لاتهامه بحيازة أعشاب وأدوية مجهولة المصدر. كما قامت الأجهزة الأمنية بإلقاء القبض على زوج احتجز زوجته داخل غرفة لمدة 4 سنوات واستخرج شهادة مزورة تفيد بوفاتها للاستيلاء على ميراثها.شكرا للإمام

أكدت عبلة الرويني في “الأخبار” أن دعوة الشيخ أحمد الطيب شيخ الأزهر، لإحياء «حق الكد والسعاية» أو «حق الشقا» المعمول به في كثير من البلدان الإسلامية، تونس والمغرب”، دعوة عادلة من سند عدل وخطوة فاعلة ومنصفة دفاعا عن حق المرأة العاملة. والمقصود بحق الكد والسعاية، هو إعطاء الزوجة التي ساهمت وعملت وكسبت وشاركت في تنمية ثروة زوجها، نصيبا من هذه الثروة «يصل إلى النصف» عند الطلاق، أو عند وفاة الزوج، إلى جانب نصيبها الشرعي من الميراث في النصف المتبقي. دعوة لم يبتكرها الشيخ الطيب، لكنه أعاد إحياءها، مستعيدا ومضيئا موقف عدل في التراث الإسلامي، حين أنصف الفاروق عمر بن الخطاب امرأة مات زوجها، وكانت تشاركه الكسب وتنمية الثروة والمال، كدا وعملا، فقام بمنحها نصف ثروة الزوج، إلى جانب نصيبها الشرعي في الميراث من نصف الثروة المتبقي. قراءة مستنيرة، منصفة وعادلة من التراث الإسلامي، أقر بها كثير من الفقهاء على مرّ العصور «لكنها ظلت غائبة، لا يعمل بها؟». وهي أيضا دعوة تواكب العصر، وتصون حق المرأة التي لا تقل كدا وسعاية عن الرجل. صحيح أن الإسلام «شرعا وقانونا» يحفظ استقلالية الذمة المالية للزوجين. للمرأة مالها وللرجل ماله «وهو ما يلجأ له المعارضون لتطبيق حق الكد والسعاية». لكن الحق قائم وموجود، مساحة مضيئة في التراث الإسلامي، يضاعف مبدأ الحقوق والواجبات، ويصون حق المرأة العاملة، ال في تنمية ثروة زوجها وتنمية أسرتها، ويصون كرامتها. ويضيف الدكتور سعد الهلالي أستاذ الفقه المقارن في الأزهر: أن حق السعاية أيضا يشمل المرأة الراعية لبيتها وأولادها، العاملة على بناء أسرتها وصيانة استقرارها. دعوة شيخ الأزهر، التي أطلقها قبل يومين، تمتلك بالتأكيد قوتها الفاعلة والمؤثرة، لضرورة تأصيلها قانونيا، والعمل على سرعة تنفيذها وتطبيقها.

كد وسعادة

يرى الدكتور محمود خليل في “الوطن”، أن حل المشكلات ذات الطابع الأخلاقي لا يتم عبر القوانين أو التشريعات، بل عبر إحياء الضمير. قد يقول قائل إن «إحياء الضمير» مثالية وهدف يصعب بلوغه، وبالتالي يكون اللجوء إلى التشريع أو التقنين طريقا أسهل للتعامل مع المشكلات، لكن في تقديري أن هذا القول يحتاج إلى نوع من المراجعة. في سياق الحديث عن المشاكل التي تعانيها المرأة المطلقة التي يتخلى زوجها عنها وعن أولاده، بعد أن شقيت عمرا معه، أهلك فيه شبابها وصحتها ثم انفلت باحثا عن غيرها، ضاربا بحقوقها وحقوق أبنائها عليه عرض الحائط، مثل هذه المرأة تلجأ إلى القانون ويطول بها السعي والجري بين المحاكم حتى تحصل على حقوقها، وقد تواجه زوجا متلاعبا لا يعرف ربه ويراوغ على القانون في ما يملك أو في دخله، وحين يحكم القضاء للمطلقة بحقها وحق أولادها فيما يملك، قد يراوغ من جديد ولا يدفع. لدينا ترسانة كبيرة من القوانين التي تحمى حقوق المرأة المطلقة، ورغم ذلك فإن مشكلاتها وأولادها باقية. البعض يفكر في إضافة الجديد إليها. مطروح هذه الأيام – على سبيل المثال – سن تشريع أو قانون يمنح المرأة نصف الثروة التي كونها زوجها في معيتها حال طلاقها أو وفاته، تماما مثلما تنص القوانين في بعض المجتمعات الغربية، وبدأت فكرة «الكد والسعاية» تستعاد من التراث الإسلامي ليتم الاستناد إليها في تأكيد حق الزوجة التي تعبت وكدت مع زوجها في نصف ثروته. توجه طيب لا خلاف على ذلك، لكنه غير واقعي.

مطلوب ضمير

يرى الدكتور محمود خليل أن مسألة «إحياء الضمير» التي توصف بالمثالية أكثر واقعية منه. السبب في ذلك معلوم بالبداهة. فهناك بيئات داخل المجتمع المصري ترفض إعطاء المرأة أي شيء، وتحرمها من حقها الذي سنه القانون وأقره الشرع في الميراث. القانون والشرع موجودان، لكن ضمير البعض يأبى. يقول الله تعالى: «ولا تنسوا الفضل بينكم» هذه الآية الكريمة تحمل معنى قيميا كبيرا، لو بات المعنى القيمي جزءا من ثقافتنا الاجتماعية لأحدث التحول المطلوب، دون حاجة إلى قوانين أو تشريعات. المولى عز وجل يخاطب بهذه الآية مجتمعا حي الضمير، يعرف فيه الأبناء فضل الآباء والأمهات عليهم، ويعرف فيه الأزواج فضل زوجاتهم، والزوجة فضل زوجها، ويعرف من يأخذ فضل من يعطيه، ومن يعطي فضل من يأخذ عليه، ويعرف الصغير فضل الكبير، والكبير فضل الصغير. الله تعالى شرع العبادات كلها لهذا الهدف السامي، المتمثل في إحياء الضمير، وقمة التعبير عنه تتمثل في تقوى الله، فمنصة التقوى لا يصل إليها إلا أصحاب الضمائر الحية الذين علمتهم الصلاة والصيام والحج والزكاة هذا المعنى الإيماني العميق. أين تقع مسألة «إحياء الضمير» على خريطة منتجاتنا الثقافية حاليا؟ لقد كانت موجودة في ما سبق. اقرأ روايات نجيب محفوظ، أو يحيى حقي، أو يوسف إدريس، أو توفيق الحكيم. راجع مسلسلات أسامة أنور عكاشة أو يسري الجندي أو محسن زايد، وستجدها تنطق بالمعاني الداعمة لفكرة إحياء الضمير. انتهى الكاتب إلى أنه: بإمكانك كي تتأكد من أن طريق الضمير كان الأنجح والأقصر في حل المشكلة، مراجعة معدلات الطلاق والجرائم الأسرية وغيرها، قياسا إلى عدد السكان وقارنها بمثيلتها اليوم، وسوف تجد أن المسألة ليست مسألة قانون أو تشريع، بل مسألة ضمير يدفع الأفراد إلى عدم نسيان الفضل بينهم.. إلا من منح ضميره إجازة.

تستحق التكريم

ترى نرمين سليمان في “البوابة”، أن تصوير فيديو جريمة عريس الإسماعيلية من قبل الزميلة الصحافية أميرة عبد الحكيم هو فعل ينبغي الاحتفاء به لعدة أسباب، أولها، أنها قامت بتوثيق الحدث من خلال فيديو كان يمكن للعروسة الاستعانة به أمام جهات التحقيق، إذا قررت اللجوء للقانون لينال الزوج عقابه على ما بدر منه تجاهها. أيضا تصوير جريمة في الشارع هو أمر لا بد منه، ويجب أن يقوم به أي مواطن عادي، فقد لا تستطيع منع الجريمة، ولكن يمكنك توثيقها لمعاقبة مرتكبها ومساعدة الضحية، وهنا مصور الواقعة يقوم بواجبه الإنساني والمجتمعي، بل والقانون يؤيده في ذلك، فهناك العشرات من القضايا التي أثيرت وتمت إدانة مرتكبيها بسبب هذا النوع من الفيديوهات. في تلك الواقعة، حتى إن لم يتم عقاب عريس الإسماعيلية بالقانون، فيجب معاقبته وردعه مجتمعيا، يجب أن يظل موصوما بعار تلك الجريمة، حتى يعلم مدى حجم الخطأ، بل الجرم الذي ارتكبه، ولكن لم يكن يتحقق ذلك دون الفيديو الموثق للواقعة. تعالت نبرات البعض عقب تصالح الضحية مع الجاني، وإتمامها للزواج، قائلة طالما إنها راضية فهي حرة والمجتمع ليس له حتى حق إبداء الرأي في ذلك السلوك المشين الصادر على مرأى ومسمع من الجميع، متغافلين عن حق المجتمع، الذي تأذى معظم أفراده الأسوياء نفسيا، من رؤية تلك الواقعة المؤسفة. لا أعلم كيف تغافل هؤلاء عن مشهد الفتيات الصغيرات وهن يبكين بشدة حول العروسة، من يعالجهن من تلك الصدمة التي يصعب نسيانها، كيف تغافل هؤلاء عن السب الذي طال كل من حاول الدفاع عن العروسة ومنهم الزميلة مصورة الفيديو، التي أكدت تعرضها للسب من قبل شقيقة العريس. كيف تغافل هؤلاء عن الجريمة بتفاصيلها المهينة للمرأة واعتبروها واقعة لا يحق لأحد التحدث عنها بمجرد تنازل الضحية عن حقها؟ يجب مناقشة وجود تشريع لمثل تلك الحالات يعاقب الجاني حتى في حالة تنازل الضحية.

في أي صفة؟

نشر الظلام ألويته على المحيط العربي، كما أوضحت سناء السعيد في “الوفد” فتبددت المبادئ، وطُمر الحق، وغابت معايير العدالة. ولا أدرى متى يعاود الضوء سطوعه، كي تعاود المبادئ الظهور، ويسود الحق وتفرض العدالة معاييرها على ما يسمى بالأمة العربية. الحديث عن الأمة العربية يستدعي مؤتمر وزراء الخارجية العرب، الذي عُقد في الكويت قبل نهاية الشهر الماضي، وشارك فيه أحمد أبوالغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية، الذي خرج في أعقاب ختام المؤتمر ليصرح بأن الاجتماع لم يتطرق إلى مسألة عودة سوريا إلى الجامعة، ثم أردف قائلا “لم نصل بعد إلى المطلوب لعودة سوريا إلى مقعدها”. جاء التصريح ليعكس الوضع الراهن، وهو وضع مهترئ منهار لا يجسد العروبة في أي صفة. وهكذا وضحت الصورة، ولهذا لا يحق لهذا الكيان أن يحمل عنوان جامعة الدول العربية، فهي ليست جامعة للعرب، بل على العكس هي كيان مشتت، لاسيما مع وجود بعض الدول العربية التي جانبها الصواب، وحادت عن الطريق القويم، وشرعت في تبني منطق نسج المؤامرات وحياكة المكائد لدول عربية أخرى، ومحاصرتها ومعاملتها لهم وكأنهم أعداء. لتصبح سوريا هي الضحية والمجني عليها وسط نطاق عربي مريض، سقطت عنه الإرادة السياسية، وغاب عنه مبدأ حسن النوايا ليكون مرتكزا لإقامة أرضية مشتركة تكون النواة التي يتم البناء عليها، لحل القضايا بشكل سلمي كي تعود الأمور إلى مسارها الطبيعي السليم.

محاصرون من يومنا

وزارة التموين تنصح الأغلبية بالاستثمار في الذهب… وتطمئن الخائفين من الدمغة بالليزر «ثرواتكم في أمان» كلمات مفتاحية

يقول أحمد عادل هاشم في “المشهد” إن الأمن الإقليمي، يخنق الدول العربية جميعها.. مصر، القلب العروبي في الإقليم، تخنقها مياه النيل في الجنوب، ويهددها الغرب بخطر سيطرة ميليشات دينية مسلحة معادية على دولة ليبيا (ما بعد سكوت المدافع) الأمر الذي قد يشكل حاجزا أمام التحرك السياسي لمصر في المغرب العربي الكبير عموما، فضلا عن أنها المرة الأولى منذ انتهاء زمن الملكية في ليبيا، تسعى دولة إقليمية مهمة (تركيا) إلى “خنق الدور المصري في ليبيا، ودفعه إلى تقديم تنازلات في الشمال البحري الذي يطفو فوق 122 مليار قدم مكعبة من الغاز، بينما في الشرق تقف البلدوزرات الإسرائيلية تهدم منازل الفلسطينيين، وتحاول فتح الثغرة تلو الأخرى في جدار الأمن القومي. وحالة “الخنق” التي تعانيها مصر تحدث ضررا في جهازها التنفسي، بسبب انخفاض كمية الأوكسجين الواصلة إلى “رئتيها”، ما أصاب الحريات بتليف خطير ينذر بسدة رئوية، تهدد حياة السياسة في مصر بالموت خنقا. السعودية يخنقها الجنوب بالسياسة والسلاح، فضلا عن استنزاف المال أيضا، في السياسة تصطف المملكة إلى جانب غالبية النظم العربية الحاكمة التي ترى أن واشنطن بيدها 99% من أوراق اللعب، وأن الأخيرة توفر الأمن الإقليمي للمملكة لمواجهة “الخطر” الإيراني. الخليج العربي مخنوق أيضا من ملف “الأمن”، ينتظر نتائج مفاوضات فيينا بفارغ الصبر، بأمل الوصول مع إيران إلى صيغة توافقية على النظام الأمني في الخليج العربي، وتخفيض حدة التوتر وحالة العداء معها، وعودة العلاقات، في الوقت نفسه الذي تخنق فيه دولة الإمارات أشقاءها وتخطو استباقيا إلى إسرائيل بحثا عن الأمن بتنسيق خليجي وعدم ممانعة عربية. انتقال السلطة داخل الأسر الحاكمة هناك يعد ملفا أمنيا مهما، بات هو الآخر “مخنوقا” من نظام التوريث والانتقال الذي وضعه المؤسسون الأوائل منذ عقود طويلة، ويرتكز إلى الأعراف السائدة تاريخيا في اليمن وأرض الحجاز، وينقل السلطة بأحكام “شيخ قبيلة” لا بقواعد دولة.

كش ملك

مضى أحمد عادل هاشم يرصد المحن التي تعيشها البلدان العربية: العراق مخنوق بالجغرافيا، بإيران شرقا وتركيا شمالا، دولتين كبيرتين لهما مطالب أمنية من العراق، ولا تترددان في انتزاعها ولو بالسلاح، في الوقت نفسه الذي تخنق فيه التيارات السياسية هناك بعضها بعضا، بحبل الدستور الطائفي، الذي صنعه الأمريكي بول بريمر بعد غزو العراق عام 2003. غزة والضفة، كذلك مخنوقتان بالجغرافيا والسياسة معا، صحيح أن الشعب الفلسطيني يتعايش مع القتل بالرصاص الإسرائيلي، ويتحمل الخنق بالسلام العربي، إلا أن النخب السياسية هناك تخنق بعضها بعضا بالمواقف المعلنة ونظيرتها الخفية، وبعيدا عن الأسباب، فإن السلطة ممثلة في أبو مازن (تنظيم فتح) تخنق المعارضة “الإسلامية” المسلحة (حماس والجهاد وغيرها) باتفاقات أمنية مع إسرائيل فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية، وحماس تضيق الخناق على السلطة، فتمنع كوادر تنظيم فتح من النشاط في غزة، وتحرم أبو مازن من صفة المتحدث الوحيد باسم الشعب الفلسطيني، على الأقل أمام الرأي العام العربي والغربي. القانون يبدو النموذج الأكثر وضوحا لنظرية “الملك المخنوق” في العالم العربي.. القانون لا يستطيع التحرك يسارا، حيث يقف كهل، بلحية سوداء رغم أن عمره تجاوز الألف عام، يبدو للناظرين وكأنه يخطو بقدمه اليمنى إلى الأمام في طريق القرن الثاني والعشرين، بينما قدمه اليسرى ثابتة لا تتحرك ورأسه إلى الخلف ينظر إلى ماض بعيد ويلوح له بدعوة حضور، كذلك ممنوع على الملك (القانون) التحرك يمينا، حيث يقف “الفساد” بالمرصاد لا يسمح بالمرور إلا لأصحاب السلطة والنفوذ والثروة، وإذا أراد “الملك” التقدم خطوة إلى الأمام سيجد الجندي (البيدق) يسد عليه الباب، أما إذا فكر “القانون” في الرجوع للخلف، فسيسقط حتما من فوق رقعة اللعب لأنه يقف في المربع الأخير. لم يجد القانون مكانا له يتحرك ويصلح للعيش فمات مخنوقا، دون كش مات.

فليراجعوا أنفسهم

بوصفه أحد المنتمين للتيار اليساري يرى رامي جلال في “المصري اليوم”، أنه يتعين على قوى اليسار، في مصر والعالم، أن تبدأ في إجراء مراجعات حقيقية للنظرية الماركسية. العصب الأساسي وحجر الزاوية وعمود الخيمة وواسطة العقد للنظرية الماركسية، هو قوى الإنتاج وعوامله (الأرض، والعمل ووسائله، ورأس المال). وكلها غير موجودة الآن بالشكل الذي عاصره ماركس نفسه. يكفى أن نتأمل نموذج شركة تريليونية مثل «آبل» والقائمة على تقديم منتج عالمي موجود في سحابة إلكترونية، اتجهت الصناعة عموما إلى الميكنة والرقمنة، وإحلال الآلات محل البشر، وحينما نمد الخط على استقامته سنجد أن «البولوريتاريا» ستتحول حتما إلى مجموعة من الروبوتات، على اليسار أن يطور نفسه، وإلا فليبحث في المستقبل عن «حقوق الروبوت»، كما أن العامل الآن لا يتعرض لاستغلال جماعي عام، وبناء عليه لم يفقد انتماءه للمجتمع لعجزه عن تلبية احتياجاته، وبالتالي فقد انتهى مفهوم «الاغتراب» المجتمعي. أما «الديالكتيك»، الذي يُعد حلقة الوصل بين البناء التحتي (العلاقات والنظم الاقتصادية وطبيعة الملكية) والبناء الفوقي (القيم والأفكار والمعتقدات) فقد حدثت له عملية «دمقرطة» تامة عبر السماح لكل البشر بإبداء آرائهم، والتفاعل عبر وسائل التواصل الاجتماعي. من هنا فإن سلسال التطور الذي توقعه ماركس انقطع ولم ولن يكتمل. وهو صاحب فكرة الحتمية التاريخية، أي الانتقال من العبودية إلى الإقطاع، ثم الرأسمالية فالاشتراكية، وأخيرا إلى الشيوعية. وقد توقفت السلسلة عند الرأسمالية، التي صارت رأسمالية جديدة لم يعايشها ماركس أو يتوقعها، وهي مرنة للغاية لا يمكن لها أن تتجه إلى الاشتراكية لأنها، ببساطة، استعارت تقنيات اشتراكية كثيرة لتحسين أوضاعها (تحديد ساعات العمل، التأمين الاجتماعي والصحي، المعاشات وغيرها)، وبسبب هذا الاقتباس، رأينا رأسمالية معاصرة تتميز بالاستجابة الحيوية لمقتضيات العصر، التي استطاعت أن تجدد قواها وأن تعيد تنظيم علاقاتها الإنتاجية. يرى الكاتب أن عبقرية «كارل ماركس» تتمثل في أنه تنبأ بأن القوى العاملة ستختار لنفسها نظاما يلبي مطالبها، وهذا النظام لا يمكن أن يكون النظام الرأسمالي، وهذا ما حدث بالضبط، فالعامل اختار نظاما جديدا تماما، واحتفظ من الرأسمالية باسمها فقط.

سر قهقهة مبارك

يروي الدكتور زاهي حواس، عالم الآثار، جانبا من تجربته الشخصية ومسيرته العملية وعلاقته بالآثار، وغير ذلك عبر كتابه «الحارس.. أيام زاهي حواس» الصادر مؤخرا عن دار نهضة مصر، ومن بينها ترميم تمثال أبي الهول في الجيزة. ويتحدث حواس، وفق ما نقلت عنه إلهام زيدان في «الوطن»، عن فترة وجوده مديرا لمنطقة آثار الهرم في التسعينيات، قائلا: نجحت في اكتشاف مقابر العمال بناة الأهرام، وكان كشفا مثيرا جدا بل يعد من أهم الاكتشافات الأثرية في القرنين العشرين والواحد والعشرين، لأنه يلقي الضوء على الفترة المبكرة للأسرة الرابعة، ويدحض كل ما قيل من أن الأهرامات بُنيت بالسخرة، حيث تقع هذه المقابر، جوار الهرم مباشرة، بل تطل عليه وهو ما يؤكد أنهم لو كانوا عبيدا لما بنوا هذه المنطقة، وقد اكتشفت في البداية مقبرة جميلة داخلها تماثيل لأحد العمال في مراحل عمرية مختلفة». ويشير حواس إلى حدوث ذلك في التسعينيات، ودعوة الكاتب أنيس منصور في عموده الصحافي للرئيس الأسبق مبارك لمشاهدة الكشف الأثري، وحدوث ما طلبه أنيس منصور، قائلا: «وعرفت أن خديجة لملوم سكرتيرة الوزير- يقصد فاروق حسني- قلبت الدنيا بحثا عني في أحد الأيام حتى وجدتني، وكان ذلك في 7 يناير/كانون الثاني 1993، وقال إن الوزير أخبرني أن الرئيس مبارك سيحضر لمشاهدة الاكتشافات الجديدة بصحبة الوزير فاروق حسني، والرئيس الليبي معمر القذافي الذي كان في زيارة لمصر وقتها». وتابع: «كنت أشرح للرئيس مبارك والعقيد القذافي وفاروق حسني، وعندما دخلنا منطقة أبي الهول في الساحة أمام التمثال مباشرة بدأت أشرح هوية التماثيل، وعندما وصلنا إلى تمثال القزم واسمه (برني عنخو) بدأت أشرح دور الأقزام في الحضارة المصرية، وأن هناك نصا بالكتابة الهيروغليفية على جانب التمثال يقول، إن القزم هو الذي كان يسلي الملك، كان التمثال من الجرانيت الأسود فسألني الرئيس مبارك (منين القزم ده؟) فأجبته بأنه من السودان، فضحك الجميع بطريقة هستيرية، حيث أن ردي أعجب القذافي الذي كان يردد ونحن أمام الهرم: إن السودانيين هم الذين بنوه».

ليته يقرأ

سعى حمدي رزق في “المصري اليوم” لأن يتوجه بالنصح لإبراهيم عيسى الذي يتهمه الكثيرون بازدراء الإسلام، وتكذيب ما هو معلوم بالضرورة: مثل سائق شاحنة مليئة بالوقود الحارق يقود في طريق ضيق، بالكاد يمرق منه، إذ فجأة تفقد الشاحنة فراملها تحت قدميه، صارت تتخبط، وأفلت المقود، صار يدهس ما يقابله، بشرا أو حجرا، فيثير ضجة وجلبة وصياحا يصم الآذان. هكذا حال صديقي اللدود إبراهيم عيسى، خبرته خلال عقود، يقود شاحنته في طريق الحياة بعقل وروية ودربة على الطريق التنويري الصعب. عهدته يمرق من المنحنيات الحادة، والمرتفعات الوعرة، رزين العقل، مدرك الأبعاد الخطرة، ذا بصيرة تنم عن عقلية مرتبة، مع بعض عاطفية كبحتها التجارب الحياتية. كان مثالا، يقود واثق الخطى على الطريق وصولا إلى مبتغاه محملا بحمولة لا يحملها إلا قادر على القيادة الآمنة، لا يتجاوز الإشارات الحمراء مصادمة، يطالع تعليمات الطريق، ورأس الذئب الطائر، طيب الذكر الدكتور نصر حامد أبو زيد، صورته في دلاية تتراقص أمام ناظريه في كابينة القيادة. كنت ومازلت أغبطه على شجاعته، شجاعة لا أملكها، ولم تتوان يوما، الحذر غالب، والمتربصون كثر، يتربصون بنا الدوائر، ولكن عيسى في الأسابيع الأخيرة، يبدو كمن فقد رصانة مقوده، وغابت الفرامل من تحت قدميه، فداس على دواسة البنزين، فأحدث جلبة هائلة. وكلما داس أكثر تعالت الصرخات عليه، صاروا يقذفون بالحجارة، ولكنه كمن أغلق زجاج نافذة المقطورة عليه حتى لا يسمع صياحهم، وصوت الموسيقى عاليا يصم أذنيه تماما.

احترس لنفسك

إبراهيم جزافيّا يصك أحكاما مجتمعية وأخلاقية ودينية، ويعيب على المجتمع. العيب فينا كمثقفين، من وجهة نظر حمدي رزق، الذي استشهد بقول الإمام الشافعي: «نَعيبُ زَمانَنا وَالعَيبُ فينا وَما لِزَمانِنا عَيبٌ سِوانا وَنَهجو ذا الزَمانِ بِغَيرِ ذَنبٍ وَلَو نَطَقَ الزَمانُ لَنا هَجانا. يا صديقي، الطريق واعر فتحسب، إذا أردت نصحا فكن رفيقا، وجادلهم بالتي هي أحسن، ولو كنت فظّا غليظ القلب لانفضوا من حولك. ما حدث لإبراهيم في الفترة الأخيرة، بدا فظّا، فانفض من حوله كثير من المحبين، صار يقود وحده في واد غير ذي زرع، دخل بشاحنته مدخلا ضيقا، طريقا واعرا، أخشى ولوج طريق الندامة. ليست هذه السطور محل نقاش ما فاه به عيسى، تكفل به كثيرون، ولكنها نصيحة من صديق، لا تصدم الناس في مشاعرهم، ولا تقسُ عليهم جلدا، وترفق، وقل قولا كريما، وابتعد بمسافة عن عقائدهم، ولا تنكر المعلوم، ولا تكن سوط عذاب. صديقي أذكرك ببيت شعر لمحمود درويش أسمعتني إياه في بواكير الصبا «بقاياك للصقر، من أنت كي تحفر الصخر وحدك؟» عادته، عادة إبراهيم لا يكف عن نطح الصخر، ولكن الصخور جرانيتية قاسية، ستدمى جبهتك، وتفقدك صوابك. حذار، السكاكين مسنونة مشرعة لقطع الرقاب، جد بت أخشى عليك، وفي الدغل عيون بتبص، ودبابة متلمظمين لقطعة من لحمك، وعطشى إلى جرعة من دمك. وانتهى الكاتب بنصيحته لعيسى قائلا: أخشى تستملح الحالة، وتعيش في خيلاء الشهرة السلبية، ولا تنظر تحت قدميك مليّا، إبراهيم أنت تدوس بنزين، ارفع قدمك، وهدئ السرعة، وليتك تقف لتلتقط أنفاسك على جانب الطريق، هنيهة على طريق السلامة الذي أرجوه لمن قرر المضي قدما في هذا الطريق.

صاحب المؤسسة

حالة من الحزن خيمت على الوسط الصحافي بسبب وفاة الكاتب جلال دويدار، الذي نعاه الكثيرين من بينهم جمال حسين في “الأخبار”: «أطلقوا عليه عِدَّة ألقابٍ؛ أبرزها: صاحب الدار، عاشق الأخبار، فارس الكلمة، أستاذ الأجيال، أحد عمالقة جيل العظماء»، إنه أستاذنا العظيم جلال دويدار، الذي رحل عن عالمنا بعد رحلة عطاءٍ طويلة، عن عمرٍ يُناهز 86 عاما، قضى منها 65 عاما في بلاط صاحبة الجلالة، رحل صاحب السِيرة والمَسيرة، التي تتحاكاها الأجيال في دار أخبار اليوم بكلِّ فخرٍ وإعزازٍ، حيث كان الراحل عنوانا للتفاني والبذل والعطاء والمصداقيَّة والإخلاص والانضباط والشفافيَّة، أحسن الله خاتمته؛ عندما وافته المنيَّة بعد نصف ساعةٍ فقط من أدائه صلاة الجمعة، وكان آخر عهده بالدنيا؛ إرسال مقاله اليومي لجريدة “أخبار اليوم”، الذي نُشر بالأمس ولم يره، حول «أهمية تعظيم دور القطاع الخاص في المنظومة التنمويَّة لتحقيق الازدهار»، كان يُقدِّس العملَ لدرجة أن القلم ظلَّ في يده حتى أسلم الروح. عَرفناه حازما حاسما، صحافيا وطنيا يُدافع بقلمه عن المصالح الوطنيَّة لمصر، كما كان حائط صدٍّ منيعٍ ضد المساس بصحيفة “الأخبار” وصحافييها، لا يخشى في الحق لومة لائمٍ، رافضا سياسة أنصاف الحلول، ضاربا بيدٍّ من حديدٍ على كلِّ مَنْ يُحاول النَّيل منها. ارتبط اسمه بجريدة “الأخبار” مُحرِّرا مُتميِّزا تحت التمرين، اجتهد ولمع وسطع نجمه، حتى أصبح رئيسا للتحرير، وقفز بتوزيعها إلى أرقامٍ غير مسبوقةٍ.. تتلمذت على يديه أجيالٌ كثيرة، حيث كان مُنحازا للجادين والمُتميزين في العمل، غليظا غاضبا من الكسالى والمُهملين، ورغم قوته وحزمه، فإنه كان طيِّب القلب، تغلب عليه في النهاية عاطفة الأبوَّة. تشرَّفتُ بأن تتلمذت على يديه، حيث كان صاحب قرار إلحاقي للتدريب في جريدة “الأخبار”؛ عندما قدَّمني له المرحوم الكاتب الصحافي الكبير عبدالسلام داوود، طيَّب الله ثراه؛ قائلا له: «يا جلال.. الواد ده يستحق فرصة؛ لأنه الأول على دفعته»، فنظر إليّ نظرة ذات مغزى؛ وقال لى: «لما نشوف»، وألحقنى بقسم الحوادث.. وبسبب هذه العبارة؛ بذلت أقصى ما في وسعي حتى أُثبت له أنني أهلٌ لهذه الفرصة وأستحقها، وكانت إشاداته المتتالية بأعمالي الصحافيَّة في اجتماع مجلس تحرير الأخبار الأسبوعي، كل يوم سبت، أمام جميع الزملاء؛ بمثابة شهادة تقديرٍ منه، تدفعني لمواصلة العمل والاجتهاد أكثر فأكثر.. في أول مهمَّة بترشيحٍ منه خارج مصر، أذكر أنني رفضتُ تمييز أحد الزملاء الصحافيين من مؤسَّسة صحافيَّة أخرى، كان يكبرنى في السن، وقدَّمت احتجاجا رسميا؛ عندما قام رئيس البعثة الإعلاميَّة بتوصيل خط تليفونٍ دولىٍّ لحُجرة الزميل، وكان على باقى الزملاء انتظاره حتى يقوم بالتملية لمؤسسته.. اتصلتُ بالأستاذ جلال دويدار، وأبلغته بالواقعة؛ فثار ثورة عارمة، واتصل، وأنا معه على التليفون، باللواء حبيب العادلي، وزير الداخليَّة؛ وقال له بحسمٍ: “الأخبار” أفضل صحيفة في الشرق الأوسط، وأرفض أن يتعامل مندوبنا درجة ثانية، وقام حبيب العادلي بتوبيخ رئيس البعثة، الذي حضر إلى حُجرتي مُعتذرا، وأمر بتوصيل الخط الدولي لحُجرتي، ومن يومها أصبحت علاقتي باللواء حبيب العادلي مُتميِّزة للغاية؛ بسبب الدعم غير المحدود من الأستاذ جلال دويدار لي.

فئة

مقالات ذات صلة

25 Jan 2023

25 Jan 2023

25 Jan 2023

25 Jan 2023

25 Jan 2023

المواد الساخنة