تأثير أفلام الخيال العلمي على تطور التكنولوجيا الرقمية

قبل البدء بإنتاج فيلم الخيال العلمي "تقرير الأقلية" (Minority Report) عام 2002، دعا مخرج الفيلم ستيفن سبيلبرغ 15 خبيرا إلى قمة فكرية امتدت 3 أيام، وذلك من أجل وضع تصور عن التكنولوجيات التي سيتم تطويرها بحلول 2054، وهو العام الذي تجري فيه أحداث الفيلم.

وأسفرت القمة عن دليل يتألف من 80 صفحة باسم "الكتاب المقدس لعام 2054″، ويضم الجوانب المعمارية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والتكنولوجية التي تصف الحياة في ذلك العام. وبالفعل أصبح بعضها حقيقة واقعة اليوم.

بدأت أفلام الخيال العلمي بالظهور أوائل القرن الماضي، مع الفيلم الفرنسي الصامت "رحلة إلى القمر" عام 1902. وتتابع بعد ذلك إنتاج أفلام الخيال العلمي.

ففي عام 1927 ظهر الفيلم الألماني الصامت "متروبوليس" (Metropolis) الذي تناول مستقبل الإنسانية عام 2026، حيث يتم اختطاف امرأة تدعى ماريا كانت تقود ثورة عمالية، وصنع روبوت على هيئتها، ومن ثم إعادة ماريا الروبوت إلى الوسط العمالي بهدف إجهاض الثورة.

ونعرض فيما يلي مجموعة من أفلام الخيال العلمي التي تستند على أسس واقعية، والتي لعبت دورا مهما في تطور التكنولوجيا:

"رحلة النجوم" (Star Trek)- المسلسل الأصلي- إنتاج 1966

تنبأ هذا المسلسل التلفزيوني بالعديد من الاختراعات المبتكرة كالشاشة المسطحة والحاسوب المنزلي والطابعة ثلاثية الأبعاد. لكن أشهرها كان الهاتف المحمول.

فقد صرح المخترع الأميركي مارتن كوبر بأن جهاز الاتصال الصغير الذي تحدث الكابتن كيرك من خلاله، في مسلسل طرحلة النجوم" عام 1966، كان مصدر إلهامه لصناعة الهاتف المحمول عام 1973.

"أوديسا الفضاء: 2001" (2001: A Space Odyssey)- إنتاج 1968

يرغب سيرجي برين، الشريك المؤسس لشركة غوغل (google)، في بناء نسخة من الحاسوب "هال 9000" (HAL 9000) القادر على التعلم الذاتي والاستقلال في القرار، والذي ظهر في هذا الفيلم عام 1968.

فقد أظهر "هال" ذكاءً حادا وقدرة على الفهم ورفض الأوامر أيضا، وكان من أكثر أبطال الفيلم كلاما والوحيد الذي عبّر عن نفسه بكفاءة.

"العودة إلى المستقبل" (Back to the Future II)- إنتاج 1989

أطلقت شركة نايكي (Nike) أواخر عام 2018 أول نسخة من الحذاء الذكي "هايبر أدابت" (Hyper Adapt) الذي يتكيف آليا مع شكل القدم. حذاء هايبر أدابت ذاتي الربط ومزود ببطارية تعمل لمدة 3 أيام.

تأثير أفلام الخيال العلمي على تطور التكنولوجيا الرقمية

يشبه هذا الحذاء كثيرا ما كان يرتديه مارك ماك فلاي في الجزء الثاني من هذا الفيلم. إصدار نايكي الأول كان محدودا، إذ بلغ 89 زوجا، بيع الواحد منها بسعر 720 دولارا أميركيا.

وقد أبدى كريستانو رونالدو إعجابه الشديد به. تنبأ هذا الفيلم أيضا بالعديد من التقنيات المستقبلية منها الطائرات المسيرة "درون" (drone).

"الاستدعاء الكامل" (Total Recall)- إنتاج 1990

يهرب دوغلاس كويد (أرنولد شوارزنيجر) من مجموعة تسعى لقتله، فيستقل سيارة يقودها روبوت. يقول الروبوت: مرحبا أنا جوني كاب، أين تريد أن أخذك الليلة؟ يجيب دوغلاس: انطلق..انطلق.. يسأله الروبوت: الرجاء تكرار اسم الوجهة التي تقصدها؟ يقول دوغلاس: إلى أي مكان.. انطلق.. يقول الروبوت: أعطني اسم ورقم الشارع.. يبدأ دوغلاس بشتم الروبوت بحدة.. يجيبه الروبوت: أنا لا أعرف هذا العنوان هل يمكن أن تكرره؟.. يغضب دوغلاس وينزع الروبوت من مكانه ويقود السيارة بنفسه.

ظهرت السيارة الآلية في أفلام الرسوم المتحركة منذ عشرينيات القرن الماضي. لكن يبين هذا الفيلم مدى الدقة الشديدة التي يجب الالتزام بها عند التعامل مع سائق آلي.

"إشراقة أبدية لعقل نظيف" (Eternal Sunshine Of The Spotless Mind)- إنتاج 2004

تلجأ كليمنتن (كيت وينسليت) إلى مركز طبي يتيح خدمة مسح الذكريات السيئة، ليمسح ذكرياتها عن العامين اللذين عرفت فيهما حبيبها السابق جويل (چيم كاري)، لتتخلص من معاناتها الناتجة عن تلك العلاقة.

يعلم جويل بما فعلت، فيلجأ إلى المركز نفسه، ويطلب منه مسح ذكرياته المرتبطة بتلك العلاقة أيضا.

تعكس أحداث الفيلم تعامل أبطاله مع هذه التقنية ومدى تقبلهم لها وتأثيرها على حياتهم. وقد حاز هذا الفيلم على جائزة "أوسكار" (Oscars) عام 2005 كأفضل نص سينمائي أصلي.

في السنوات القليلة الماضية، تمكّن الباحثون في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا من التلاعب بذاكرة الفئران ليس فقط بمسح أجزاء منها، بل بجعلها تتذكر أحداثا لم تواجهها قط، وذلك باختراق الخلايا العصبية في الحصين (hippocampus)، وهو العضو المتحكم في الذاكرة. وأكد الباحثون أنه يمكن، من حيث المبدأ، تطبيق ذلك على الإنسان.

"دليل المسافر إلى المجرة" (The Hitchhiker`s Guide to the Galaxy)- إنتاج 2005

يمرر الكائن الفضائي الذكي فورد برفكت الذي يقوم بدوره الممثل موس ديف، سمكة بابل صفراء اللون، في أذن صديقه الأرضي آرثر دنت الذي يقوم بدوره الممثل مارتن فريمان، وذلك للحصول على ترجمة فورية من أي لغة تتحدث بها الكائنات الذكية المنتشرة في كواكب أخرى، إلى اللغة التي يفهما آرثر دنت (وهي اللغة الإنجليزية في الفيلم).

وإطلاق اسم بابل على السمكة الموحدة للغات مبني على أسطورة مدينة بابل وبرجها الذي سعى سكانها إلى إيصاله للسماء، مما أعتبره الإله في هذه الأسطورة تحديا له، فبلبل سكانها بتقسيمهم إلى مجموعات يتحدث كل منها لغة مختلفة، الأمر الذي شتت شملهم وجعلهم ضعفاء غير قادرين على إكمال مشروعهم.

أطلقت غوغل (Google) نهاية عام 2017 أداة تؤدي وظيفة مشابهة أطلقت عليها إسم "بيكسل بودز" (Pixel Buds)، وهي عبارة عن سماعات ذكية توضع في الأذن صممت للعمل مع نظام تشغيل "أندرويد" (Android) للهواتف المحمولة، لكنها تعمل على هواتف "آيفون" (iPhone) أيضاً في حال تركيب تطبيق مساعد غوغل ومترجم غوغل.

تستخدم أداة بيكسل بودز تطبيق غوغل للترجمة الذي يغطي أكثر من 100 لغة، لكن 40 منها فقط متاحة للترجمة الفورية عبر هذه الأداة حاليا.

يضع المتحدث الأول السماعتين في أذنيه ويتحدث باللغة التي يتقنها، فينتقل الحديث إلى برنامج الترجمة عبر الهاتف المحمول، الذي يترجمه إلى لغة المتحدث الثاني، ثم يقرؤه بصوت مرتفع، فيجيب المتحدث الثاني بدوره باللغة التي يتقنها حيث تترجم إلى لغة المتحدث الأول وتقرأ عليه، وهكذا..

سلسلة أفلام "الرجل الحديدي" (Iron Man)- إنتاج 2008 وما بعد

قررالمدير التنفيذي لفيسبوك (Facebook) مارك زوكربيرغ عام 2016 بناء نظام ذكاء اصطناعي لإدارة منزله ومساعدته في عمله.

يجمع هذا النظام الحقائق السائدة في المنزل من خلال أجهزة استشعار وأوامر بشرية، قبل أن يتخذ الموقف المناسب. أطلق زوكربيرغ على المشروع اسم "جارڤيس" (Jervis) الذي ظهر في سلسة أفلام الرجل الحديدي. جارڤيس هو ذكاء اصطناعي خيالي يدير جميع الأنظمة الداخلية لمباني وبدلات الرجل الحديدي، والعناية بها.

لا يمتلك جارڤيس زوكربيرغ الذكاء والفكاهة والقدرات الخارقة التي يمتلكها نظيره الخيالي، لكنه يبقى مثيرا للإعجاب.

فئة

مقالات ذات صلة

03 Sep 2022

03 Sep 2022

03 Sep 2022

03 Sep 2022

03 Sep 2022

المواد الساخنة