كيف أثرت"كورونا" على السينما وعززت فرص منصات الـ"أونلاين"؟ - جريدة الغد
A Decrease font size.A Reset font size.A Increase font size.
إسراء الردايدة
عمّان– يعيش قطاع صناعة الأفلام والسينما مؤخرا حالة أصبحت تعد الطبيعية السائدة في الوقت الحالي، جراء وباء “كوفيد 19” الذي اجتاحه منذ شهر آذار (مارس) الماضي والإغلاقات التي فرضت نفسها عليه، لتغير شكل الإيرادات تماما في شباك التذاكر.
فمع إغلاق دور السينما وتوقف عجلة الإنتاج بضعة أشهر وعودتها للدوران بعد تطبيق الإجراءات الوقائية، أدى ذلك إلى زيادات واسعة النطاق في استخدام وسائل الإعلام على شبكة الإنترنت، بكل أشكالها.
فالأفلام التي عادة ما يتم عرضها في السينما تم طرحها مباشرة في خدمات بث الفيديو حسب الطلب، فيما ستضيف مجتمعات الألعاب عبر الإنترنت مثل “فورتنيت”، وحفلات موسيقية افتراضية للملايين، ليسجل الوقت الذي أمضاه هذان نموا هائلا في الأشهر القليلة الماضية.
المنصات الرقمية تنافس الفضائيات في السباق الدرامي الرمضاني
محليا، ما تزال دور العرض السينمائية مغلقة، حتى أنها لم تفتح لتكون حاضنة للعروض السينمائية المقبلة التي ستكون ضمن مهرجان عمان السينمائي الدولي- أول فيلم نهاية الشهر الحالي، أو حتى في الدورة الـ32 لمهرجان الفيلم الأوروبي مطلع شهر أيلول (سبتمبر) المقبل.
يقول المنتج الأردني والإعلامي بسام حجاوي: “أعتقد أنه كلما طالت أزمة جائحة كورونا، ولم تتم السيطرة على انتشار الفيروس خاصة في الولايات المتحدة، تصاعد لجوء شركات الإنتاج السينمائي (الاستوديوهات) للمنصات الالكترونية، ما يفرض على أصحاب صالات العرض السينمائية التأخر في فتح الصالات والعودة الى العروض”.
ويضيف حجاوي “أن شركة “ديزني” مثلا، وبعد أن يئست من عودة سريعة إلى الصالات عرضت أفلامها الجديدة مباشرة على منصتها؛ لتتمكن من منافسة نيتفلكس التي ارتفعت أسهمها كثيرا، وضاعفت من أعداد مشتركيها بنسبة هائلة”.
ويورد حجاوي أن خسائر قطاع الإنتاج السينمائي كبيرة جدا، ولن تعود حركة تصوير أفلام جديدة قبل آذار (مارس) من العام المقبل، ما سيتسبب في إغلاق الكثير من مجمعات السينما في القريب العاجل بصورة دائمة.
وهذا، بحسبه، مرتبط بنقص عدد الأفلام وارتفاع قيمة الإيجار العقارية، فضلا عن عدم السماح بتشغيل التكييف البارد صيفا والدافئ شتاء خوفا من انتشار العدوى.
ويبين “أن هذا بالطبع يجعل من حضور عرض سينمائي في الصالات المغلقة مزعجا وصعبا”.
توقفت مهرجانات كثيرة وتأجل بعضها، فيما عقد بعض منها فعالياته “أونلاين”، كما في مهرجان كان السينمائي في دورته الماضية، وسط رفض كبير قاطع لفكرة التحول الرقمي للكامل.
فجائحة “كورونا” وضعت السينما والمهرجانات الفنية السينمائية في حالة سبات على الصعيدين العالمي والعربي وحتى المحلي؛ لكن قرار إعلان مهرجان عمّان السينمائي الدولي- أول فيلم عن تواريخه الجديدة لدورته الأولى بعد تأجيله، كسر حالة الجمود ليكون الأول عربيا الذي يعلن بدء الموسم السينمائي.
“السينماوتواصل”، تقول مديرة مهرجان عمان السينمائي الدولي ندى دوماني، مبينة أن عقد المهرجان في نهاية الشهر الحالي يعد تحديا كبيرا، ولكنه في الوقت نفسه يوفر أملا لصناع الأفلام.
والمهرجان الي يعد أول مهرجان عالميا يعقد فعالياته فعليا وليس افتراضيا من خلال التجهيزات التي قام بها، ممايتيح لهم مساحة لعرض أفلامهم على الجمهور المحلي، بسبب قيود “كورونا” التي فرضت علينا.
“عمان السينمائي-أول فيلم” يفتتح دورته بـ”البؤساء”
وتضيف دوماني أن هذا فرض استحداث حلول مختلفة منها العرض الخارجي مع مراعاة التباعد الاجتماعي وسينما السيارات من أجل تحقيق المتعة، ولم يكن هذا ليتحقق لولا إيمان الداعمين للمهرجان بدوره الثقافي في تحقيق التواصل الإنساني والثقافي الذي يشكل حاجة ملحة في مثل هذه الظروف.
وتشير دوماني إلى أن المهرجان تحول إلى “أونلاين” في بعض من فعالياته التي تشمل أيام عمّان لصُنّاع الأفلام بين 24 و26 آب (أغسطس) الحالي.
وتتضمن مجموعة من الندوات وورشات العمل من قبل خبراء في المجال، وتستهدف صُنّاع وطلاب الأفلام، بالإضافة للمهتمين بمهنة صناعة السينما.
وستكون منصتا تسويق أيام عمّان مسرحا لتقديم 14 مشروعًا سينمائيًا مميزًا من الأردن والعالم العربي؛ حيث ستمنح لجنة تحكيم أيام عمّان الدعم لأفضل المشاريع لتسهم في دفعها نحو الإكمال.
من جهته، بين المخرج والمدير الفني لمهرجان الجونة السينمائي الدولي أمير رميسيس، أن المهرجان يعد ملتقى للسينمائيين، ويسهل التواصل من أجل الوصول لتعاون سينمائي بين صناع الأفلام والدول الأخرى.
ويقول رمسيس: “لن تتحول المهرجانات إلى أونلاين بشكل كامل، بالرغم من وجود هواجس تتعلق بالدول التي يسمح باستقبال مسافرين بها، وبانتظار ذلك فنحن في حالة تفاؤل، فالسينما تواصل وتفاعل، هي الغاية التي تعقد من أجلها المهرجانات”.
ويضيف رمسيس: “بالنسبة للصناعة نحن في وضع مربك، ولكن الأمور كانت كذلك قبل ذلك، ففكرة وجود المنصات ليست جديدة ومستمرة من قبل كورونا، لكنها الآن تتنافس للحصول على محتوى حصري، وهي تغزو عالم المسلسلات والسينما الآن لتزيد عدد مشتركيها”.
السينما الأردنية في 2019.. نشاط زخم واصطدامات رقابية
ولكن بالرغم من الخسائر التي تقدر بالملايين في مصر ومليارات في العالم، نتوقع أن تخرج شركات من السوق، وتظهر شراكات جديدة، وتغير شكل الشراكة بين شركات التوزيع ومزودي المحتوى، وهذه المنصات، ما ينعكس على طريقة تسويق الفيلم في العالم.
“الجزء المؤلم هو أنك كمخرج في السينما دائما لديك حلول لتصنعه أيا كانت الظروف وتجد نافذة لتعرضه في قاعة معينة، لكن في ظل التحول لمنصات فهي باتت اليد الحاكمة في طبيعة المحتوى وطبيعة تواجده ومكانه والجمهور”، يبين رمسيس.
يظهر أثر التحول للمنصات عربيا من خلال عرض الفيلم المصري “صاحب المقام” على منصة “شاهد”، وهو أول فيلم مصري عربي يعرض حصريا عبرها، ومن بطولة يسرا، وآسر ياسين، وأمينة خليل، وبيومي فؤاد، وتأليف الكاتب إبراهيم عيسى، وإنتاج أحمد السبكي، وإخراج ماندو العدل.
“التوجه للمنصات فكرة سائدة منذ زمن، ولكن في مصر والدول العربية فهو فكرة جديدة نوعا ما، وكل ذلك كان يراوده شكوك من منافسته لصناعة السينما، من خلال إنتاجات ضخمة من حيث التكلفة والقيمة الفنية مثل الرجل الايرلندي الذي أنتجته نتفليكس”، يقول الناقد المصري آندرو محسن.
ويعتبر أنه فعليا، بالرغم من تأثير هذه المنصات، فهي تشجع على ارتياد السينما، وليست سببا للتحول الكامل، خاصة أن تلك الأفلام التي تطلقها هذه المنصات الضخمة تطرح في دور العرض وتتيح للجمهور العادي مشاهدتها على شاشة كبيرة.
فبحسبه، جائحة “كورونا” سرعت الإيقاع نوعا ما، وهو ما زاد عدد مشتركي هذه المنصات عربيا مثل “شاهد”، والمنصات العالمية، فالعرض على المنصات مثلا، كما حصل مع فيلم “صاحب المقام” الذي عرضته منصة “شاهد” مؤخرا، لن يطغى فعليا على الأقل عربيا.
ويتساءل محسن: “في ظل تكلفة الإنتاج لهذه الأفلام، هل ستدفع هذه المنصات مبلغا ضخما لتحصل على حقوق العرض الحصرية لفترة مؤقتة، وهذا أمر لن نعرفه”. فمثلا فيلم “الغسالة” أعلن أنه سيعرض على “شاهد”، ولكنه توجه للسينما، وعرض حصريا فيها كفيلم عيد الأضحى، وكان سيعرض في الوقت نفسه على المنصة.
ويقول “نحن في مرحلة تجربة، ولم تتضح الرؤية بشكل واضح، لأن دور العرض في مصر فتحت أبوابها بنسبة 25 %، وقد تتوجه المنصات لعرض أفلام خاصة بها”.
فخدمات تدفق الفيديو عبر الإنترنت، وبخاصة مستخدمي مواقع مثل “Netflix” أو “hulu”، يقضون وقتا أطول بشكل كبير في النظر إلى الشاشات كل يوم.
ومع استمرار منصات البث على الإنترنت في الاستثمار في إنشاء برامجها وأفلامها الخاصة لتلبية احتياجات قاعدة مستخدميها المتنامية، بات من المهم على نحو متزايد أن نفهم العقلية المتغيرة لدى هؤلاء المشاهدين مع استمرار الأزمة.
في جميع أنحاء العالم، مستخدمو منصات البث عبر الإنترنت مثل “Netflix” ،”hulu” ،”Amazon Video”، أو “ديزني”، يظهرون مستويات متزايدة من القلق بشأن التأثيرات السلبية لفيروس “كورونا” المستجد، بحسب ما نشره موقع “جلوب ويب انديكس”.
والواقع أن مستخدمي هذه المنصات أكثر ميلا إلى القلق بنسبة 40 % من المتوسط إزاء وضع “كوفيد 19” في بلادهم، وأن هناك احتمالا بأن يكون لفيروس “كورونا” تأثير كبير أو درامي على أموالهم أكبر بنسبة 30 %، ومن المرجح أن يتوقع 20 % أن يستمر الوضع في بلادهم عاما أو أكثر.
ويبدو أن منصات خدمات التدفق فلتت من هذا القلق المستمر حول تفشي المرض من خلال إنفاق وقت أطول على وسائل الإعلام على الإنترنت وزيادة الوقت الذي يقضيه على كل جهاز تقريبًا.
فالمحتوى المناسب، عبر خدمات البث، يتيح فرصة هائلة لزيادة نسبة المشاهدة.
وعلى الرغم من أن كل خدمة تجذب المشاهدين الذين يبحثون عن أنواع مختلفة من المحتوى، لكن اكتشف العديد من الناس أنواعًا جديدة لم يتصوروا أنهم قد يستمتعون بها.
في الأيام الأولى من اندلاع المرض، هيمنت “نتفلكس” على موجات البث من خلال عرضها “ملك النمور”، الذي يتلاعب فعليًا بالجريمة الحقيقية، والمواضيع الوثائقية المضحكة.
وقد يرجع نجاح هذا العرض إلى حقيقة مفادها بأن المستهلكين عند سؤالهم عن الأنواع التي اكتشفوها وأحبوها أكثر مما تصوروا، صنفوا هذه الأنواع الثلاثة على أعلى تقدير.
وعندما سُئِل المستخدمون الأسبوعيون عما يشاهدونه أكثر من خلال تفشي المرض، وما كانوا يريدون أن يروه أكثر، وما يتوقعون مشاهدته في المستقبل، كانت الكوميديا بمثابة الاستجابة الأفضل في كل مرة.
وهذا من شأنه أن يجعل الكوميديا قوة دافعة وراء نجاح العرض.
ولكن مستخدمي “نتفلكس” اليوم يريدون أيضًا رؤية المزيد من المحتوى في فئات أخرى، علما أن نسبة المشتركين فيها زادت نحو 17 مليون مشترك في الربعين الأول والثاني، ليتخطى مجموع مشتركيها نحو 193 مليون مشترك حول العالم.
إن مشاهدي “نتفلكس” الأسبوعيين يقضون وقتا طويلا على المنصة الآن، منهم 41 % يشاهدون كل يوم و63 % يشاهدون 4 أو 5 أيام في الأسبوع. وإن مستخدمي “هولو” متشابهون إلى حد كبير بجمهور “نتفليكس” لأنهم يشتركون في نسبة عالية من جمهورهم.
وقد تكمن فرصة “هولو” بقدر أعظم في تنويع مضمونها مقارنة بمنافسها المباشرة.
فيما يعد المشاهدون على موقع “AmazonPrime” الأقل ميلا إلى عرض منصات أخرى بشكل منتظم.
بهذه الصفة، فهم في الواقع حريصون على الحصول على قصص خيالية؛ إذ يقول 44 % إنهم يريدون رؤية المزيد من المحتوى الذي يتضمن الإثارة والمغامرة والخيال، ويقول 37 % إنهم يريدون المزيد من الخيال العلمي (أعلى من أي جمهور آخر).
وقد يكون التحدي الحقيقي لهذا الجمهور هو عملية جذبهم إلى هذا المحتوى الجديد. فهم الجمهور الأكثر ترجيحا أن يقولوا إن الدعاية الفيروسية، أو ما “يميل” على الشاشة الرئيسية لأي منصة، ليس له تأثير يذكر على قرارات المشاهدة.
بطبيعة الحال، استفادت شركات البث مثل “نتفلكس”؛ حيث تضاعف عدد مشتركيها، على الرغم من توقف عجلة تصوير الأفلام، وارتفعت أسهم الشركة إلى عنان السماء لمستويات قياسية.
كما تحركت شركة “دريمووركس” المتحركة بسرعة؛ حيث قررت عرض فيلم “ترولز” الخاص بها، لتنتقل من جولة عالمية مباشرة إلى العالم الرقمي.
ولقد حطمت الأرقام القياسية الرقمية، فنافست المسارح السينمائية وتضاعفت الأرقام في غضون 5 أشهر. وبعد ذلك، واكبت “يونيفرسال” الموجة.
وسرعان ما حذت “ديزني” حذوها، من خلال إطلاق “FROZEN 2” قبل أشهر عدة من الموعد المحدد، بعد أسابيع فقط من التسابق عبر خدمات الطلب التدفقية، وانضمت إليها بعد فترة وجيزة شركة “Star Wars” ،”Skywalker” و”Pixar”.
ولكن من غير المقرر أن يحل البث محل السينما بالكامل، فيما لا يوجد لدى “يونيفرسال” خطط لتجاوز الدور، ويبدو أن البث والسينما سيستمران في التعايش السلمي، وأن دور السينما ليس محكوما عليها بالهلاك كما نتصور.
إن الأفلام تشكل محتوى ذا قيمة هائلة. وفي العام الماضي بلغ مجموع عائدات شباك التذاكر العالمية 42 مليار دولار أميركي، (وهو أعلى مستوى على الإطلاق)، الأمر الذي أسهم بما يقرب من ثلث قيمة إنتاج وتوزيع الأفلام على مستوى العالم، التي تقدر بحوالي 136 مليار دولار.
وتدعم هوليوود أكثر من مليوني وظيفة و400 ألف شركة أميركية؛ إذ تبلغ قيمة الفيلم والتلفزيون البريطانيين حوالي 60 مليون جنيه إسترليني يوميًا للاقتصاد البريطاني.
كما تتخذ بلدان مثل الصين خطوات جريئة لتحقيق النمو في الناتج الإبداعي أيضا.
وقد أدى وباء “كوفيد 19” إلى قلب مسار المحتوى، فتوقف إنتاج الأفلام وإغلاق دور السينما.
سر الوجوه على الشاشة.. اللقطات القريبة وجاذبيتها
ولابد من استئناف الحياة الطبيعية، وبدأت عملية الإنتاج في بعض البلدان، كما تبنت الصناعة بروتوكولات العمل عن بعد حيث ما أمكن.
ولكن الفيروس يخلق حالة من عدم اليقين، ويبدو أن الخطر الأعظم في الأمد القريب يتلخص في تضاؤل ثقة المستهلكين في الأماكن المادية.
حتى قبل “كوفيد 19” شهدت صناعة الأفلام تغيرًا كبيرًا، ما يؤدي إلى التعجيل بالتحول الجاري الآن في إنتاج الأفلام وتوزيعها واستهلاكها.
فعليا، هناك انحدار عالمي في حضور الأفلام. وباستثناء الصين -حيث سجل الجمهور نموًا تجاوز 86 % في الفترة 2009-2019- فإن أغلب الأسواق الرئيسية تشهد تراجعا.
وفي أميركا الشمالية، لم يتغير عدد التذاكر المباعة، إلا بالكاد منذ العام 1995، بحسب تقرير نشره موقع “weforum.org”.
في حين حلقت أعداد التذاكر في المملكة المتحدة حول 170 مليون تذكرة سنويا منذ العام 2005. وفي كلا المكانين، انخفضت في الواقع الزيادة السكانية في متوسط عدد الاعترافات السنوية للفرد الواحد.
وحتى في الهند -التي تُعَد مركزًا للإنتاج- هبط نصيب الفرد في عدد المشاركين في السينما أثناء الفترة 2009-2018 بنسبة 32 %.
ومن غير المرجح أن يرجع هذا إلى تجربة الفيلم. وقد استثمر معظم المشغلين في المسارح؛ حيث يقومون بترقية التكنولوجيا السمعية البصرية، ما يجعل المقاعد أكثر راحة، كما يوفر لهم عروض اشتراك سهلة للمستهلكين مثل “A-List” و”MoviePass” و”Sinemia”.
وفي الهند، على وجه التحديد، يُعتقد أن الطلب قوي، ولكن البلاد تعاني من ندرة الشاشات نسبيا: “إن المشكلة التي في الهند تشكل قيدًا على جانب العرض في دور السينما الجديدة؛ حيث إن هناك طلبًا ضخمًا على المسارح القادرة على تقديم مجموعة واسعة من التجارب الخاصة إلى هؤلاء الذين يبحثون عن الترفيه الأسري والشركات ذات القيمة العظيمة”.
كما يواجه مشغلو المكان تحديات من خلال تقلص عدد المسارح؛ حيث تعرض الاستوديوهات الأفلام في المسارح حصريًا قبل طرحها للبيع أو التنزيل أو البث.
ويعكس هذا التغيير تفضيلات المستهلك لاستهلاك المحتوى، التي تفضل بشكل متزايد بث الفيديو عند الطلب (SvoD)>
والآن أصبحت العديد من خدمات الصوت والبث مملوكة أو تستثمر في استوديوهات الأفلام، التي تخفف من الحوافز للحفاظ على نافذة مسرحية طويلة الأمد وتعمل على تكثيف بيئة البث التنافسية المتزايدة.
وقد أدى ذلك إلى إعطاء الأستوديوهات الأولوية للإصدارات لخدماتها الخاصة، ما أدى إلى انخفاض في الأفلام المعروضة في المسارح.
وطبقا لذلك، فإن استوديوهات “الستة الكبار” -وارنر بروس، ووالت ديزني، وفوكس من القرن العشرين، وبارامونت، وسوني، ويونيفرسال- أطلقت عشرين إلى خمسة وعشرين فيلما رئيسيا. وبحلول العام 2019، كان بعضها لا يتجاوز ما يطلقه التسعة أفلام.
وتحقق “نتفلكس” و”أمازون” وغيرهما من منتجي الأفلام التي يتم عرضها خارج الاستوديوهات “الستة الكبار” أرباحا أكبر.
وتطلق هذه الأفلام مباشرة على المستهلكين، وتقتصر مجموعة الأفلام المتاحة أمام موزعي الأفلام، ويخصصون ميزانيات محتوى كبيرة على تحويل توازن الطاقة.
ومن المتوقع أن يؤدي الاستنفاد الواضح في الخيارات المتاحة في المسارح، على عكس المحتوى الثري المتوفر عبر خدمات التدفق، إلى تفاقم الضغوط التي تدفع إلى القبول بالتراجع والانخفاض، حتى في حين أن البعض متفائل بشأن احتمالات دور السينما.
إذا كان منشئو المحتوى يتوجهون إلى المحتوى الرقمي، فقد خفضوا من قدرة مجموعات مكاتب البوكس اوفس المحتملة وحقوق السواتل كمصدر هائل لتوليد الإيرادات للمنتجين.
فضلا عن ذلك، فقد تم صناعة نجوم السينما من أجل تجربة الشاشة الكبيرة، حيث يريدون أن تعرض أفلامهم.
لم تعد شركات الإعلام تعمل على تحسين الإصدارات للجداول الزمنية الثابتة أو فتحات التلفزيون في أوقات العمل أو عطلات نهاية الأسبوع الشائعة.
وبدلا من ذلك، يتمثل الهدف في زيادة ال، وبالتالي تحسين الاحتفاظ بالمستخدمين والبيانات حول مدى انتشار المحتوى. والنتيجة الطبيعية لهذا هي التوسع في الطلب على المحتوى الخاص.
وكما يصف كمال جيان شانداني، المدير التنفيذي لمنظمة صور الواقع الافتراضي (PVR) ورئيس استراتيجية الحد من القدرة على الاستمرار (PVR) “أتوقع أن تأتي الاستثمارات في إنشاء المحتوى من منصات التوزيع بدلا من الاستديوهات”.
ومن المرجح أن تتعايش الاستوديوهات والمنصات مع بعضها بعضا وتزدهر، وخاصة في الأسواق التي لم يتم اختراقها بشكل كبير مثل الهند.
فالمسارح تأخذ ما يصل إلى 50 % من مبيعات التذاكر؛ والآن أصبح تدفق الدخل هذا مهددا، وستعقب هذه النزاعات عملية توحيد المعايير.
ومن المتوقع أن تتأثر المسارح المستقلة بشدة. وحتى قبل انتشار الوباء، فإن الاستوديوهات كثيرا ما تمنح حقوقا حصرية لسلاسل الأفلام لأكبر حجما أو التفويض الذي يمنع الأماكن الأصغر حجما، بصرف النظر عن الطلب.
ويستجيب العديد من المشغلين من خلال تحسين استهداف المستهلكين من خلال فهم ما يحب الناس مشاهدته ودور السينما التي يرغبون، باستخدام التكنولوجيا التي تدمج هذه البيانات في أنظمة لتحديد كل نقاط الاتصال التي لدى المستخدمين في دور السينما في حياتهم اليومية.
“الفنون تزيد من إنسانيتنا”: مبادرات سينمائية وموسيقية محلية تدعم البقاء في المنزل
ومع توفر عدد أقل من الأفلام، فإن الامتيازات الضخمة تحصل على حصة متزايدة من إيرادات شباك التذاكر.
وقد ارتفع الجزء المنسوب إلى منح الامتياز من نحو 30 % في الثمانينيات إلى 40 % اليوم.
تلعب “ديزني” دورا أكبر في نمو الامتيازات، فمنذ العام 2000، سجلت حصة إيرادات شباك التذاكر التي حصدتها الدول الست الكبرى نموا تجاوز 10 %، كما تضاعفت حصة “ديزني” في الفترة نفسها، وكان أغلبها في العقد الماضي.
ومن خلال التصميم، تجذب هذه المنصة المزيد من الأطفال والآباء مع الأطفال مع عروض تجدها عادةً على قناة “ديزني” التلفزيونية.
ولكن كتالوج “ديزني+” يتضمن أيضا امتيازا من عالم “Star Wars” و”Marvel”، وهو ما من شأنه أن يجذب جمهورا متنوعا.
وعلى الرغم من أنه ليس من المدهش أن يقول مشاهدو “ديزني+” إنهم شاهدوا المزيد من الأحداث والمغامرات ومحتوى الخيال، فإنه من المثير للاهتمام أن يحظى هذا الجمهور أيضا بقدر أعظم من الشهية إلى هذه الأنواع من الأفلام والبرامج التي تذهب إلى الأمام.
ويقول نصفهم تقريبا إنهم يريدون رؤية المزيد من هذا المحتوى في المستقبل، بينما يقول ربع آخر تقريبا إنهم يريدون رؤية المزيد من محتوى العائلة والأطفال، بينما الربع الأخير كانت اهتماماته متنوعة.
قد تكون فرصة لمنتجي المحتوى الذين يستهدفون مشاهدي “ديزني” أكثر من أي وقت مضى، فهم يرون نسبة عالية من الجمهور كاكتشاف اهتمام، خصوصا مع نمو نسبة مشتركي “ديزني” ليبلغ نحو 60 مليون مشترك عالميا.
جعل “كوفيد 19” تمويل الأفلام أكثر خطورة بسبب زيادة الأمن الصحي وتكاليف التأمين، فقد تجد استوديوهات مستقلة مثلا صعوبة في جمع رأس المال.
وقد يؤدي هذا إلى عواقب غير مقصودة تتمثل في الحد من تنوع محتوى الأفلام، وهو الخوف الذي بدأ يتطور منذ اشترت “ديزني” “مارفل” في العام 2009.
كما أن حصة شباك التذاكر في الأفلام التي تعتمد على البرامج النصية الأصلية آخذة في التقلص.
وعلى جانب صعيد التوزيع، فإن الدمج بين مشغلي المسارح من الممكن أن يزيد من اعتماد الاستوديوهات الأصغر حجمًا على منصات بديلة لتمويل الأفلام والترويج لها.
كما أن شركات الألعاب تستشعر أيضا فرصة؛ فقد استضافت “فورتنيت” مؤخرًا عرض فيلم سينمائي يحمل عنوان “كريستوفر نولان”، كمثال واحد.
فهناك حيز كبير للنمو، وخاصة العائدات الجديدة القائمة على الملكية الفكرية للأفلام، مثل ألعاب الفيديو والألعاب والكتب والحدائق العامة.
إن هوليوود باتت تميل لدور المستضعف، لذا فلم يحن الوقت بعد لاندثار صناعة الأفلام.
فيلم “جريهاوند” هو مثال مذهل بشكل خاص، في الأصل، كان من المقرر أن يتم نشر فيلم الحرب الذي يستند إلى أحداث حقيقية حول صراع بين سفن أميركية وغواصات ألمانية أثناء الحرب العالمية الثانية في دور السينما في وقت سابق من هذا العام.
ومع إغلاق دور السينما بسبب وباء فيروس “كورونا”، بيعت “أبل” من “سوني بيكتشرز”، والفيلم من بطولة توم هانكس وهو يعرض العديد من المؤثرات البصرية والرقمية.
وقد بلغت قيمة الصفقة 70 مليون دولار (8.61 مليون يورو)، وفقا لموقع آخر أخبار هوليوود.
والآن أصبح أول فيلم ينتج بسخاء للشاشة الكبيرة متاحًا على الشاشات في المنزل، وهو فيلم مذهل في حد ذاته.
ولكن لا يوجد خيار حقيقي في الاستوديوهات والمنتجين والموزعين، فالأفلام في النهاية تحتاج إلى الانتقال إلى الجمهور، وهذا الأمر بسيط، وإلا فإنها سوف تواجه خسائر أكبر.
ومن المتوقع أن تكون هذه الأفلام قد تحقق ملايين الدولارات في البوكس اوفس في مختلف أنحاء العالم.
وستلوح كارثة مالية إذا لم يتمكنوا هم أيضًا من عرضها في دور السينما المزدحمة.
ففي هوليوود، يتم تأجيل أفلام تحقق مبيعات عالية وهي blockbusters مرارًا وتكرارًا، يكون لذلك تأثير على مالكي دور السينما وموزعي الأفلام والبنية التحتية لصناعة الأفلام في جميع أنحاء العالم.
فقد كانت “ديزني”، على سبيل المثال، تترقب السوق الصينية الضخمة في “مولان”، ولكن بعد إعادة فتح بعض دور السينما في الصين تغلق أبوابها مرة أخرى؛ حيث تواجه بعض المناطق موجة ثانية من إصابات “كوفيد 19”.
والوضع ليس مختلفا في الولايات المتحدة، التي تواجه ارتفاعا حادًا في عدد الإصابات.
في الوقت الحالي، يتم التشكيك في الآليات التي عملت لعقود من الزمان، وفي ما يسمى نافذة إصدار الأفلام، سيتم عرض فيلم على الشاشة الكبيرة، مما يضمن دخلا للمنتجين والموزعين وأصحاب دور السينما.
بعد ذلك، سيكون الفيلم متوفرا على أقراص DVD أو Blue-ray، ومؤخرًا على منصات البث أيضًا.
أما المصدر الثالث للدخل، الذي تأخر مرة أخرى بسبب بيع الحقوق والتراخيص، فكان سوق التلفزيون الحر.
بيد أن النظام يمر حاليًا بتغيرات درامية، ويتعين على هذه الصناعة أن تسأل نفسها ما إذا كانت نافذة إصدار الأفلام قد تختفي بالكامل، أو لا تنطبق إلا كاستثناء، وما إذا كان النظام قد يعود إلى مساره الصحيح إذا ما تم احتواء أزمة الفيروس التاجي وبمجرد احتوائها.
وهناك أيضًا من يواجه تحديات أخرى، فاستوديوهات الولايات المتحدة الرئيسية (ديزني، وسوني، وارنر، يونيفرسال، أوبارامونت) تقف في صف الشركات العالمية الكبرى، في حين يقف صغار المنتجين المستقلين وقطاع المنازل الفنية بالكامل على الجانب الآخر، ويبدو أن هذا النظام ينهار.
إن موفري البث الناجحين مثل “نتفليكس” منافسون جادون لاستوديوهات رئيسية وتهدد عائداتها بالانهيار.
جزء من الارتباك والوضع المتغير بشكل مستمر هو أن “ديزني” لديها الآن منصات خاصة بها للبث، فماذا عن المشهد المستقل في هذه المنافسة الحاسمة؟
إذا عرضت منصات البث أفلامًا جديدة منذ البداية، أو إذا تم تسويقها كأقراص فيديو رقمية أو عرضها كفيديو عند الطلب،
فهناك أسئلة عدة: من يكسب المال؟ هل ستظل المنتجات باهظة الثمن جديرة بالاهتمام؟ ما هي دور السينما التي ستكتب لها النجاة؟ هل تلتزم الدول والسلطات المحلية (على الأقل في أوروبا) ماليًا بصناعة الأفلام؟ هل ستكون السينما عندئذ ثقافة مدعومة مثل الأوبرا أو المسرح أو الحفلات الموسيقية؟
وفي الوقت الحاضر، لا يستطيع أحد أن يجيب عن هذه الأسئلة. وكل شيء يعتمد على تطوير لقاح أو أدوية فعالة.
ولا أحد يستطيع أن يتنبأ بتطور الوباء ولذا صناعة الأفلام تواجه صراع الغاب.
الوسومأمازون الإنتاج الرقمي السينما ديزني صناعة الأفلام كوفيد-19 منصات التدفق الرقمي مهرجان الجونة السينمائي مهرجان عمان السينمائي نتفلكس