ابتكار ثوري يُمكن المشلولين من المشي والسباحة والعودة للحياة الطبيعية
لندن ـ «القدس العربي»: تمكن ثلاثة مصابين بشلل نصفي من المشي والسباحة وركوب الدراجة وذلك بفضل تقنية جديدة ثورية أعادت إليهم القدرة على ممارسة الحياة الطبيعية.
والابتكار الثوري الجديد هو عملية زراعة كاملة للنخاع الشوكي تُعيد القدرة لأولئك الذين يعانون من الشلل وتجعل لديهم القدرة على الحركة، بما في ذلك المشي والسباحة وركوب الدراجات، حسب ما ذكر تقرير نشرته جريدة «دايلي ميل» البريطانية واطلعت عليه «القدس العربي».وتقول الصحيفة إن أحد هؤلاء الثلاثة الذين خضعوا للتجربة الناجحة هو أول شخص في العالم يستطيع المشي بحرية على الرغم من تعرضه لجرح كامل في الحبل الشوكي، بينما تمكن مريض آخر مشلول من أن يصبح أباً بمساعدة هذه التكنولوجيا.وقال باحثون إن الجهاز، الذي يعمل عن طريق تحفيز منطقة النخاع الشوكي الذي ينشط عضلات الجذع والساق، كان فعالاً للغاية لدرجة أن جميع المرضى تمكنوا من الوقوف والمشي بعد يوم واحد فقط من تفعيله.ويتم التحكم في الجهاز الجديد بواسطة تقنية الذكاء الاصطناعي «AI» حيث يعيد الجهاز تنشيط الخلايا العصبية عبر جهاز تنظيم ضربات القلب الذي يتم إدخاله في بطن الشخص.وكان ميشيل روكاتي، الإيطالي المولد، والبالغ من العمر 29 عاماً، مقيداً على كرسي متحرك لأكثر من أربع سنوات بعد تحطم دراجة نارية، وكان أحد الرجال الثلاثة الذين اختبروا هذه التقنية الثورية الجديدة، بحسب «دايلي ميل».وكان العمود الفقري لروكاتي مقطوعاً تماماً ولا يشعر بأي إحساس في ساقيه على الإطلاق، وهذه هي الحالة الأولى من نوعها في العالم التي تصبح قادرة على المشي على الرغم من وجود هذه الإصابة بهذا الحجم.وقال روكاتي: «كانت الخطوات القليلة الأولى مذهلة، إنه حلم أصبح حقيقة».ويحرص الباحثون على الإشارة إلى أن أجهزتهم ليست علاجاً لإصابة العمود الفقري وأن التكنولوجيا لا تزال معقدة للغاية بحيث لا يمكن استخدامها في الحياة اليومية، حسب ما تقول الصحيفة.لكن مع ذلك، فقد أشادوا بالتطور الذي تحقق حتى الآن ووصفوه بأنه «مذهل».وقال قائد المشروع البروفيسور غريغوار كورتين، من المعهد الفدرالي السويسري للتكنولوجيا في لوزان: «تم تصميم خيوطنا الجديدة الناعمة المزروعة لتوضع تحت الفقرات، مباشرة على الحبل الشوكي».ويمكن تعديل الخلايا العصبية التي تنظم مجموعات عضلية معينة، حيث من خلال التحكم في هذه الغرسات، يمكننا تنشيط الحبل الشوكي كما يفعل الدماغ بشكل طبيعي لجعل المريض يقف أو يمشي أو يسبح أو يركب الدراجة، على سبيل المثال. وبمجرد زرع الخيوط في جسم المريض وإدخال منظم ضربات القلب في معدته يتم تنشيط الجهاز بجهازي تحكم عن بعد صغيرين.وتوضع هذه على مشاية المريض وتتصل لاسلكيًا بجهاز لوحي، والذي بدوره يرسل إشارات إلى منظم ضربات القلب في بطنه.وعندما يضغط المريض على الزر الموجود على الجانب الأيمن من جهاز المشي ترتفع قدمه اليسرى عن الأرض وتسقط بضع بوصات إلى الأمام.وعند تنشيط الزر الموجود على الجانب الأيسر يحدث الشيء نفسه مع القدم اليمنى، مما يتيح للمريض إمكانية المشي.وكان الإيطالي ميشيل روكاتي محتجزاً على كرسي متحرك طيلة السنوات الأربع الماضية ولم يعد قادراً على استخدام ساقيه بسبب حادث دراجة نارية، وأضاف: «لقد خضتُ بعض التدريبات المكثفة في الأشهر القليلة الماضية وحددتُ لنفسي سلسلة من الأهداف».وتابع: «على سبيل المثال يمكنني الآن الصعود والنزول على الدرج وآمل أن أكون قادراً على المشي كيلومتراً واحداً بحلول هذا الربيع».ووصف البروفيسور كورتين سرعة ونطاق إعادة التأهيل بأنه «مذهل» مضيفاً: «كان جميع المرضى الثلاثة قادرون على الوقوف والمشي والدوس والسباحة والتحكم في حركات جذعهم بعد يوم واحد فقط من تفعيل زرعاتهم».وشارك مريضان آخران في الدراسة بالإضافة إلى روكاتي، لكن كلاهما رغب في عدم الكشف عن هويته، بحسب ما تقول «دايلي ميل».وصمم فريق الباحثين الدوليين «مجداف قطب كهربائي» يستهدف جميع الأعصاب المرتبطة بالحركات.ويستخدم هذا الجهاز الجديد خوارزميات الكمبيوتر للمساعدة في استعادة الأنشطة الحركية وتنشيط الحبل الشوكي كما يفعل الدماغ بشكل طبيعي.وقال الباحثون إن الجهاز منح مستخدمي الكراسي المتحركة القدرة على الوقوف والمشي وحتى أداء الأنشطة الترفيهية مثل السباحة وركوب الدراجات والتجديف.وقالت البروفيسور جوسلين بلوخ، رئيسة المشروع ال، وعالمة الأعصاب في مستشفى جامعة لوزان: «إن اختراقنا هنا هو خيوط أطول وأوسع نطاقا مزروعة بأقطاب كهربائية».وأضافت: «لقد تم ترتيبهم بطريقة تتوافق تماماً مع جذور الأعصاب الشوكية. يمنحنا ذلك تحكماً دقيقاً في الخلايا العصبية التي تنظم عضلات معينة. وفي النهاية يسمح بمزيد من الانتقائية والدقة في التحكم في التسلسل الحركي لنشاط معين».ويعد التدريب المكثف ضرورياً للمرضى حتى يشعروا بالراحة مع برامج التحفيز المحددة لكل نوع من أنواع الحركة.وقال البروفيسور كورتين: «يمكن للمرضى اختيار النشاط المطلوب على الجهاز اللوحي ويتم نقل البروتوكولات المقابلة إلى جهاز تنظيم ضربات القلب في البطن».وقال إن التقدم الذي يمكن تحقيقه في يوم واحد «مذهل» والمكاسب بعد عدة أشهر أكثر إثارة للإعجاب.يشار إلى أنه في بريطانيا وحدها يعيش حوالي 50 ألف شخص مع إصابة غيرت حياتهم في الحبل الشوكي، أما على مستوى العالم فيوجد نحو نصف مليون شخص سنوياً يعانون من مشاكل في الحبل الشوكي تؤدي إلى مشاكل في الحركة لديهم، ويرجع ذلك أساساً إلى حوادث الطرق أو السقوط أو العنف.