قطر: منع سفر تعسفي بحق مواطنين

(بيروت) - قالت "هيومن رايتس ووتش" و"مركز الخليج لحقوق الإنسان" اليوم إن جهاز أمن الدولة القطري منع أربعة مواطنين على الأقل من السفر، تعسفاً وإلى أجلٍ غير مسمى، دون إجراءات قضائية أو سند قانوني واضح. اعتقلت قوات أمن الدولة أحد الرجال في أكتوبر/تشرين الأول 2020 بعد أن نشر تغريدات تنتقد منع السفر التعسفي ضده وضد آخرين، وما يزال محتجزاً.

قابلت هيومن رايتس ووتش ومركز الخليج لحقوق الإنسان ثلاثة من هؤلاء الرجال ومصادر قريبة من الرابع وراجعتا الوثائق ذات الصلة بالرجال الأربعة، التي كشفت أن جهاز أمن الدولة فرض منع السفر دون أي إجراء قانوني، وفي بعض الحالات تحدى فعلياً أوامر القضاء. كما تعرض أحد الرجال لعقوبات مالية، شملت تجميد حساباته المصرفية. وقد أسفرت هذه العقوبات التعسفية عن أضرار مادية ونفسية للأشخاص المعنيين وأُسرهم.

قال مايكل بيج، نائب مدير الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "يتناقض فرضُ منع سفر تعسفي لأجل غير مسمّى بشكل صارخ مع صورة البلد الحريص على الحقوق التي تسعى السلطات القطرية جاهدة إلى تقديمها إلى العالم، لا سيما قبل "كأس العالم فيفا 2022". هذه الإجراءات التعسفية من أمن الدولة تقلّص الثقة في احترام السلطات القطرية للإجراءات القانونية الواجبة".

يحدد قانونٌ صادر عام 2003 صلاحيات جهاز أمن الدولة القطري، وأهدافه، وهو يمنح الجهاز صلاحيات واسعة تكاد لا تخضع لأي رقابة. وبموجب هذا القانون، فإن الجهاز تابع للأمير مباشرة وله سلطة في الرقابة والتحري "لا يجوز [إخضاعها] لأي رقابة ما لم يأذن الأمير بذلك".

يحظر هذا القانون على الأفراد والمنظمات الحكومية وغير الحكومية إخفاء المعلومات التي يطلبها رئيس جهاز أمن الدولة أو الامتناع عن تقديمها له، "مهما كانت طبيعتها". كما يمنع القانون رئيس الجهاز من الكشف عن أنشطته والمعلومات المتعلقة بعمله ووسائل حصوله عليها ومصادرها، إلا بإذن خاص من الأمير.

الرجال الأربعة هم:عبد الله المهندي، وهو رجل أعمال تمنعه السلطات من السفر منذ 2013؛ وسعود خليفة آل ثاني،وهو موظف سابق في وزارة الداخلية يطعن في حظر السفر المفروض عليه منذ 2016؛ والدكتورنجيب النعيمي، وهو وزير عدل أسبق ممنوع من السفر منذ 2017؛ ومحمد السليطي، وهو مواطن قطري يحمل إقامة أمريكية تمنعه السلطات من السفر منذ 2018 واحتجزته منذ أكتوبر/تشرين الأول 2020.

قال مصدر مقرب من السليطي إن قوات أمن بملابس مدنية اعتقلته في 04 أكتوبر/تشرين الأول 2020 في منزله بالدوحة، واحتجزته بمعزل عن العالم الخارجي لأسبوعين. قبل أسابيع من اعتقاله، كان السليطي قد نشر على وسائل التواصل الاجتماعي بيانا أصدرته "منظمة العفو الدولية" يوضح بالتفصيل حظر السفر التعسفي الذي تعرض له هو ومواطنون آخرون في قطر. قالت منظمة العفو الدولية أيضا إنه نشر استطلاعاً على حسابه في "تويتر" لجمع بيانات عن القطريين الممنوعين من السفر تعسفاً، وقد تم تعليق حسابه بعد اعتقاله.

كان السليطي يعيش في الولايات المتحدة منذ عام 2015، حيث كان يمتلك شركتين. قال مصدر مقرب منه إن السلطات اعتقلته لأول مرة في 2018 في "مطار حمد الدولي" بينما كان يستعد لمغادرة البلاد واحتجزته خمسة أشهر تعسفاً دون توجيه اتهامات إليه. وهو ممنوع من السفر منذ إطلاق سراحه.

قطر: منع سفر تعسفي بحق مواطنين

فرضت وزارة الداخلية منع سفر على سعود خليفة آل ثاني في 2016 بأمرٍ إداري وبدون أي تفسير. قال إنه رفع دعوى أمام المحكمة الابتدائية للطعن في المنع بتاريخ 01 أبريل/نيسان 2019. راجعت المنظمتان وثائق المحكمة، وهي تبين أن المحكمة حكمت لصالحه، وألغت منع السفر الصادر في 2016 اعتبارا من 08 مايو/أيار 2019.

بالرغم من ذلك، قال آل ثاني إن رجالا مجهولين أوقفوه في منزله في نفس الشهر دون إبراز مذكرة توقيف. واضاف إنهم أخذوه إلى مقر تابع لجهاز أمن الدولة، حيث استجوبه رجال الأمن بشأن مقال إخباري حول قضيته، وكيفية حصوله على نسخة من الوثيقة التي تذكر الجهة التي أصدرت منع السفر عام 2016. احتجزت قوات أمن الدولة آل ثاني لمدة 37 يوما، ثم أطلقت سراحه دون توجيه تهم إليه. أصدر أمن الدولة منعا آخر من السفر بحقه في نفس الوقت تقريبا بناء على أسباب غير محددة ذات صلة مع "أمن الدولة".

رفضت محكمة الاستئناف طعنا قدمه آل ثاني في 2 ديسمبر/كانون الأول 2021. وما يزال غير قادر على مغادرة البلاد، بالرغم من طلباته المتعددة لأسباب طبية.

احتجزت السلطات القطرية عبد الله المهندي قرابة ثلاثة أسابيع في عام 2007 بعد أن استجوبه عناصر من وزارة الداخلية لانتقاده مسؤولي الوزارة عبر منصات إلكترونية. في سبتمبر/أيلول 2013، منعت السلطات المهندي من السفر تعسفاً وجمدت كل موارده المالية الشخصية والتجارية دون أمر قضائي.

منع جهاز أمن الدولة المصارف من قبول عملياته المالية ومنع مطار حمد الدولي من السماح له بالسفر عبره. في نوفمبر/تشرين الثاني 2018، تلقى المهندي رسالة نصية تفيد بإنهاء منع السفر، لكن عندما حاول السفر إلى تركيا في يناير/كانون الثاني 2019، منعه مسؤولون في المطار من المغادرة، وأبلغوه بأنه ما يزال يخضع لحظر سفر مفروض من جهاز أمن الدولة.

يخضع الدكتور النعيمي، الذي شغل منصب وزير العدل من 1995 إلى 1997، لمنع سفر تعسفي منذ عام 2017. أُخطر النعيمي بهذا المنع في يناير/كانون الثاني 2017 في رسالة نصية من المديرية العامة للجوازات والنيابة العامة تحمل رقم بطاقة هويته. صدر أمر قضائي لصالح النعيمي في يونيو/حزيران 2017 يقضي بأن أسباب المنع من السفر انتهت، وبالتالي يُلغى منع السفر الصادر بحق المستأنِف. ومع ذلك، تستمر السلطات في منع النعيمي من مغادرة البلاد.

كان النعيمي محامي دفاع عن الشاعرمحمد العجمي الذي حُكم عليه بالسجن المؤبد في عام 2012 بسبب قصيدة ألقاها في محفل خاص ينتقد فيها الأمير. وقد أُفرج عن العجمي في مارس/آذار 2016 بعد عفو أميري.

تخوّل المادة 7 من قانون جهاز أمن الدولة، المعدل عام 2008، رئيس الجهاز منع المتهمين بجرائم تدخل في اختصاص الجهاز من مغادرة البلاد لمدة أقصاها 30 يوما قبل مثولهم أمام النيابة العامة. ويجوز تمديد الحظر بأمر من النيابة العامة لمدة ستة أشهر قابلة للتجديد. لا تنص المادة على وجوب إبلاغ الشخص المعني بمنع السفر، أو تقديم أسبابه، أو الأدلة الأساسية، ولا تنص على أي وسيلة للطعن قانوناً في القرار.

بعد زيارة رسمية لقطر في عام 2019، قال فريق الأمم المتحدة العامل المعني بمسألة الاحتجاز التعسفي إنه مُنع من زيارة مركز الاحتجاز التابع لجهاز أمن الدولة، وإن القانون المنشئ لهذا الجهاز "لا ينص على أي رقابة قضائية على هذا الاحتجاز، وقد أُبلغ الفريق العامل أن هذا الاحتجاز قد يؤدي في الممارسة إلى فترات احتجاز طويلة تنتهك القواعد الدولية لحقوق الإنسان".

ينص "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية"، الذي صادقت عليه قطر في 2018، على أن لكل فرد الحق في مغادرة أي بلد، بما في ذلك بلده. تسمح هذه المعاهدة للدول بفرض قيود على هذا الحق طالما ينص عليها القانون وعندما تكون ضرورية ومتناسبة لحماية الأمن القومي، أو النظام العام، أو الصحة العامة، أو الآداب العامة، أو حقوق الغير وحرياتهم.

قال خالد إبراهيم، المدير التنفيذي لـدى "مركز الخليج لحقوق الإنسان": "إن التجاهل الصارخ لأوامر القضاء يبعث رسالة مفادها أن السلطات الأمنية يمكنها أن تتصرف كما يحلو لها وتعمل خارج سيادة القانون".