بواسطة شبكة اللوحي
Apr 23,2022
كيف يدفع المريض في غزة فاتورة "أطباء الدعاية"؟
شؤون فلسطينية
تابعنا أيضا عبر فيسبوك facebook.com/alwatanvoiceخاص دنيا الوطننذهب إلى الطبيب وكلنا أمل أن أرواحنا وأجسادنا في أمان، فهو وكما تعودنا أن نسمع "ملاك الرحمة" ولكن عند نقطة معينة يقع بعض الأطباء في دائرة التجارة وتحقيق الربح على حساب المريض، وذلك حين يتعاقد الطبيب مع إحدى شركات الأدوية تحت مسمى "أطباء الدعاية"، فما هي القصة؟ وأين وزارة الصحة في غزة مما يحدث؟القصة باختصار هي حلقة ثلاثية من الطبيب وشركة أدوية أو مستحضرات تجميل والصيدلي، يشتركون في تحقيق ربح معين ولكن للأسف قد يكون هذا الربح على حساب المريض الذي لا يعي شيئاً عن هذه الحلقة من "Business" أو المصلحة.وللتفصيل أكثر، تقوم شركة دواء معنية بالترويج لمنتجاتها بالتوجه عبر مندوبيها إلى بعض الأطباء بصفقة (أكرمني أكرمك) والتي يتم بناءً عليها الاتفاق بينهم على قاعدة أن يحصل الطبيب على مزايا معينة قد تصل إلى المقابل المادي مقابل أن يوصي بالمنتج الذي تبيعه الشركة، وبالتالي تتحقق الاستفادة المتبادلة بين الطبيب والشركة، والتي قد تصل إلى الصيدلي أيضاً.يتوجه المريض إلى "طبيب الدعاية" للعلاج بانتظار الروشتة السحرية، والتي بدورها تتأثر بمعادلة الصفقة والاتفاق الذي يكمن بين الطبيب وشركة الأدوية، وبالتالي فإن الطبيب يكتب للمريض صنفاً دوائياً تنتجه الشركة المتفق معها دعائياً، حتى وإن لم تكن منتجات هذا الشركة ذات جودة عالية أو حتى مجربة، الأمر الذي يشكل كارثة بحد ذاتها نتيجة تبعات هذه الصفقة على المريض مادياً وعلاجياً.
شركة لمستحضرات التجميليقول طارق شعلان مدير شركة تجارية لمستحضرات التجميل الطبية المتطورة حول هذا الموضوع لـ "دنيا الوطن": "نحن نعمل مع فئة كبيرة من أطباء غزة في هذا الموضوع الدعائي بما فيهم أطباء الأمراض الجلدية ونساء وولادة وأطفال وغيرهم، لكن منذ ستة شهور قررت الشركة تخفيف هذا التعامل مع أطباء الدعاية، وذلك لأن الأمر أصبح نوعاً من الصفقة، فيشترط الطبيب مزايا معينة لمصلحته الخاصة لقبول ترويج منتجات الشركة كنوع من العلاج الذي يوصف للمريض".ويسترسل بالقول: "في حال كان الطبيب راضياً عما تقدمه له الشركة من مزايا وامتيازات فإنه يوصي بمنتجات الشركة وإلا فلا يوصي بالمنتجات في "الروشيتات" المكتوبة من قبله حتى وإن كان المنتج ذي جودة عالية، فقط 15-20 % من أطباء الدعاية هم من يعملون بضمير في هذا المجال".ويضيف شعلان (الوكيل الحصري لمنتجات البحر الميت في غزة): "يتم التعامل مع طبيب الدعاية إما بنظام القطع المجانية أو العينات أو قد يصل إلى حد أن يطلب الطبيب مقابلاً مادياً شهرياً (200-300 شيقل) أو منهم من يطلب مزايا مادية كشاشة تلفزيون أو جوال أو فسحة في مكان راقٍ على حساب الشركة والاتفاق"."في الآونة الأخيرة تمادى بعض الأطباء في طلباتهم المبالغ فيها أحياناً، ولذلك قررت الشركة إيقاف هذا التعامل إلا على عدد قليل من الأطباء المشهورين جداً في غزة لتحقيق الدعاية المطلوبة"، على حد قول شعلان.فالمريض إن لم يستفد من العلاج الموصوف له من قبل الطبيب بناءً على الصفقة المذكورة فإنه أولاً يخسر تكاليف العلاج التي دفعها دون فائدة، الأمر الذي يرهقه مادياً حين يضطر إلى التوجه إلى طبيب آخر، ثانياً قد يعطي الدواء آثاراً عكسية، الأمر الذي يرهقه صحياً وهو الأخطر في القصة.وهنا يقول مدير الشركة: "أحياناً وكنوع من "تخليص الحسابات" بين الشركة والطبيب، يقوم الأخير بصرف نوع من الدواء الذي قد لا يكون هو الأنجع والأنسب لعلاج الحالة المريضة لمجرد أن الطبيب على خلاف مع الشركة، وبذلك يستثنى المنتج الذي يكون هو الحل الفعال لتلك الحالة المرضية المعروضة عليه".ويختم حديثه بالتأكيد على أن المريض هو من يدفع فاتورة هذه اللعبة الدعائية سواء مادياً أو صحياً وهنا تكمن المصيبة.وفي حديثه لنا حول هذا الأمر وخطورته، يقول طبيب نساء وولادة (الذي فضل عدم ذكر اسمه): "تعامل الأطباء مع شركات الأدوية هو موضوع قديم جديد متشعب له أغراض وأهداف كثيرة وتؤثر فيه العديد من العوامل، إذ ينقسم الأطباء في هذا الموضوع إلى ثلاث مجموعات: المجموعة الأولى وهي المجموعة الأكبر وهي التي تستفيد مادياً، وفيه تقدم الشركة للطبيب العينات الطبية المجانية التي تباع فيما بعد إلى الصيدليات والمستودعات الطبية بتكلفة معينة من 300-400 شيقل، مقابل أن يكتب الطبيب صنفاً معيناً من أدوية الشركة"."أما المجموعة الثانية، وهي التي تقدم على هذا الأمر نتيجة الوضع المادي والاقتصادي في غزة (تذبذب رواتب الأطباء) وهنا يضطر الطبيب أن يتعامل بهذه الصفقة بينه وبين شركات الأدوية لتحسين دخله الشهري"، على حد قوله.ويضيف: "المجموعة الثالثة للأسف هم أطباء مشهورون وعائدهم المادي جيد جداً، أي أنهم ليسوا بحاجة إلى هذا التعامل ولكنهم للأسف يتعاملون بهذا النوع من الصفقات".وحول أضرار هذا الأمر على المريض يقول: "هذا الأمر يكلف المريض مادياً وصحياً، خاصة إذا كان العلاج الموصوف لا يتلاءم مع الحالة المرضية، وهنا قد تنجم أعراض عكسية للحالة جراء استخدام العلاج غير المناسب".ويختم حديثه بالقول: "تتحمل وزارة الصحة مسؤولية هذا الأمر فالمطلوب منها تقنين توزيع هذا الأدوية وتقنين العلاقة بين الأطباء وشركات الأدوية".
وزارة الصحة تردفي معرض رد وزارة الصحة حيال ما يحدث، يعلق مدير وحدة الإجازة والتراخيص في وزارة الصحة الدكتور طه الشنطي بقوله: "بخصوص الوزارة ومرافقها، يوجد تعميم وزاري بعدم التعامل مع الشركات ومندوبيها أو الترويج لهذه الشركات في أثناء العمل ضمن وزارة الصحة بغزة".ويضيف: "قانون الصحة العامة رقم 20-2004 مادة 69 تنص على (يحذر البيع أو الإتجار في عينات العقاقير الطبية والمستحضرات الصيدلانية المعدة للدعاية والإعلان أو التوزيع المجاني)، فالقانون يشدد على أن هذا الأمر ممنوع ومرفوض حسب النظام والقانون"."أي شكوى رسمية مؤكدة تقدم لوزارة الصحة حول عقد صفقات بهذا الخصوص يتم متابعتها والتحقق منها واتخاذ الإجراءات اللازمة عبر الإدارة العامة للشؤون القانونية، وقد يتم تحويل الموضوع إلى النائب العام"، على حد قوله.يذكر أن هناك قراراً وزارياً صادراً عام 2006 ملحق مزاولة مهنة الصيدلة في فلسطين بند رقم (د) فيما يتعلق بالهدايا والصفقات ينص على (لا يجوز تزويد أو تقديم هدايا أو مبالغ نقدية أو فوائد عينية إلى الطبيب أو غيره كحافز للقيام بإعطاء الوصفات الطبية أو تزويد أو بيع أو إعطاء منتج دوائي..).إذاً هناك قوانين صارمة وتعليمات واضحة ولكن للأسف فإن هناك أيضاً جشع المصلحة الشخصية، وبالنتيجة هناك مواطن مريض تعد مصلحته وحياته آخر اهتمامات هؤلاء الأشخاص، فإلى متى ستظل هذه الخروقات؟ وكيف يمكن أن يتخلص المواطن من تبعاتها؟