جريدة الرياض | الأزمة الروسية الأوكرانية تفرز مطالب بتطبيقات مالية آمنة لتوطين التقنية

أفرزت الأزمة الروسية الأوكرانية وحلف الناتو العديد من المطالب من المتخصصين في المجال التقني والسياسي والإعلامي ومكافحة الإرهاب، بأن يكون لدينا تطبيقات ومنصات تواصل خاصه تدار من داخل بالمملكة، لا سيما وأن لدينا شبابا وشابات لديهم القدرة والمعرفة لتحقيق ذلك بعد نجاح تطبيق "أبشر" و"توكلنا".. وغيرها، وشملت قائمة الشركات المالية والتكنولوجية خلال الأزمة التي علقت أعمالها وأنشطتها في روسيا بعد الغزو الروسي لأوكرانيا شركات "غوغل" و"إير بي إن بي" و"إنتل" وكذلك الشركات الأميركية التي تتعامل ماليا عبر الإنترنت مثل باي بال، ومن أبرز الحلول أن يكون لدينا إنترنت داخلي في قادم الأيام.

الفضاء الاعلامي

وأوضح عبدالرحمن القراش، من برنامج صمود للوقاية الإرهاب وباحث في الشأن الاجتماعي، أن الفضاء الإعلامي يعد القوة الرئيسة المهيْمنة عالمياً على كل المجتمعات فعن طريقه يمكن أنْ يتشكل الرأي العام والاتجاهات والأفكار والمواقف حول المجريات المختلفة، وبالتالي يؤثر بشدة على الجهود الداخلية أو الخارجية لأي دولة، كما يعد له دور بارز في الحياة العامة، حيث يسمّى "السلطة الرابعة" التي تحكم في البلد.

وأضاف أنه بعد التقدم التكنولوجي في الألفية الثالثة أصبح الإعلام "السلطة الأولى" لما له من تأثير على التوجيه داخل المجتمع من خلال اللعب على المفاهيم والمقاصد، ومهما كان هناك من الأخطاء أو التقييمات السلبية أو الانتقادات الممنهجة لأدائه أو أداء العاملين فيه إلا أنّه يبقى شريكاً استراتيجيا في كل القضايا التي تمسّ حياة الناس أو تهـمّ الوطن وإداراته من خلال قدرته للوصول إلى الشريحة العظمى اجتماعياً حتى أصبح المواطن العادي مقـيّماً للأداء الإعلامي قبل المهتمّـين به أو المسؤولين عنه.

وأشار أن الإعلام بوسائله وأدواته وقوالبه وأشكاله وأساليبه المختلفة أبرز الجهود العامة والخاصة في الداخل والخارج وكشف المستور وتبيين الحقائق التي من شأنها تغيير قيادات ودول بأكملها، ناهيك عن إمكانيته في توصيل الرسائل للناس سواء كانت سلبية أو إيجابية في وقت قياسي أكثر مما كان عليه الإعلام في السابق، وبالتالي ساعد في كشف الكثير من الملفات وتوعية الناس بحقوقهم.

وقال القراش: إنّ الإعلام الراقي النزيه يضْطلع بدور تنموي في ظل الظروف التي يعيشها المجتمع من تطورات وتحولات سياسية واقتصادية واسعة، حتى أصبح بوسائله المختلفة المرئية والمسموعة والمقروءة، يلعب دورًا بارزًا في تعزيز الوعي وفي تدعيم قيم ال لدى الأفراد من خلال المعلومات والأفكار والتوجهات، وهذا بلا شك يُحْدث تنميةً شاملةً تساعد في تشكيل قاعدة من العلم والمعرفة تعمل على تغيير سلوك الأفراد للسير على النهج الصحيح ورادعًا لهم في الوقت نفسه للابتعاد عن الأساليب التي لا تتـّفق مع مصالح الوطن وأهدافه.

جريدة الرياض | الأزمة الروسية الأوكرانية تفرز مطالب بتطبيقات مالية آمنة لتوطين التقنية

مراكز للدراسات والأبحاث تعنى بالشأن الداخلي

وطالب بفتح مراكز للدراسات والأبحاث التي تعنى بالشأن الداخلي والإقليمي والعالمي سياسيّاً واقتصاديا واجتماعياً حتى يكون الرأي العام السعودي مدركا لما يدور حوله من خلال مصادر محلية وليست وافدة عبر المنابر الإعلامية المختلفة غير السعودية، وإيفاد الشباب والشابات للمراكز العالمية للاستفادة من خبرة من سبقنا في هذا المجال، وإحداث نقلة نوعيّة وفنيّة في التعامل مع الحدث دون رتوش أو تنْميق أو تدليس أو استخفاف بعقلية وذائقة المتابع، واستحضار الفكر الناقد لنوعيّة المادة المقدمة قبل نشرها بكل تجرّد بعيداً عن العنصرية أو الانغلاق على الذات كــالذي يقول: (المجتمع السعودي له خصوصية) وكـأنّنا بمعزل عن العالم بسبب هذه النظرة القاصرة، وتقديم الصورة الراقية من خلال احترام مبادئنا في طرحنا لكي نغيّر السورة النمطيّة السوداء عنا في بعض المناطق التي تشتهر بالإعلام المرتزق، وإنشاء "منصة إعلامية" مثل أبشر وتوكلنا مرتبطة بوزارة الإعلام بحيث يكون الإعلامي على دراية كاملة بما له وما عليه، فطاقات شبابنا في هذا المجال كبيرة يجب احتواؤها.

توطين التقنية وتأهيل الكوادر الوطنية

فيما ذهب د. هشام صالح عباس، المستشار في التحول الرقمي، إلى أن التقنية تحولت من كونها وسيلة لتسهيل الأعمال إلى عنصر جوهري من مكونات أي منظومة عمل سواء كان فنيا أو ماليا أو طبيا أو لوجستيا، مبينا أن من الدروس المستفادة من الأزمة الروسية الأوكرانية هو أهمية توطين التقنيات بدءا من تأهيل الكوادر الوطنية إلى توفير تطبيقات ومنصات رقمية وطنية ذات استقلالية واعتمادية عاليتين، فمن المهم جدا أن تكون هذه المنصات الرقمية مبنية على بنى تحتية محلية ضمن حدود المملكة العربية السعودية وبتحكم ذاتي، على سبيل المثال، أصبحت مراكز الحوسبة السحابية إحدى آليات تقديم الخدمات، لذا من المهم تحفيز الاستثمار في إنشاء العديد من هذه المراكز ضمن النطاق الجغرافي للمملكة ليس فقط لتحقيق سرية المعلومات بل أيضا لضمان التحكم الذاتي في تشغيل هذه المراكز، قد يكون استقطاب شركات حوسبة عالمية لتشغيل مراكز بيانات في المملكة مفيدا لكن الأجدى بناء هذه الخدمات من قبل جهات وطنية وتكون ذات كفاءة عالية وقدرة لاستضافة بيانات دولية بحيث يزيد من تعقيد عزل هذه المراكز لأي سبب من الأسباب.

وأوضح المستشار في التحول الرقمي، أن التطبيقات ترتبط بأنظمة وفي بعض الحالات تكون هذه الأنظمة عالمية وتوفر التطبيقات العضوية في هذه الأنظمة مثل نظام السويفت وهذا ضروري جدا ولكن أيضا من المهم جدا التعدد في هذه الأنظمة كبدائل لا تفيد فقط في مواجهة إجراءات سياسية بل أيضا لمواجهة أي تعطل أو انقطاع في هذه الشبكة، لافتا في الوقت نفسه أن البحث والتطوير يجب أن يعمل بشكل مستمر في ظل التطورات التقنية المالية الجديدة مثل الأنظمة المالية اللامركزية (DeFi) المبنية على تقنية البلوكتشين، والتفكير مبكرا في الحلول البديلة يضمن استمرارية العمل بشكل أكثر أمانا ويزيد من فرص المفاوضة، فليس الهدف الاستعداء أو الاستغناء عن العالم ولكن تعزيز القدرات الرقمية هو مطلب طبيعي وحق مشروع لأي دولة تتطلع لأن تكون في المقدمة.

مدى مكمن قوة المملكة

فيما يرى م. خالد الذوادي، مستشار في تطوير الأعمال الرقمية ونائب رئيس لجنة الاتصالات وتقنية المعلومات في غرفة الشرقية سابقا، عضو اللجنة الوطنية لتقنية المعلومات، أن المملكة تملك شبكة "مدى" وهي الشبكة السعودية للمدفوعات المالية أو (SPAN) سابقاً هي شبكة المدفوعات وطنية في المملكة، وتابعة للبنك المركزي السعودي، معتبرها مكمن قوة في ظل الظروف الراهنة أو الأحداث العالمية، موضحا أن (Apple Pay) و(Google Pay) هي شبكات أميركية وتتحكم في المدفوعات المالية من خلالها على مستوى العالم، فعندما حدثت مشكلات التكدس في قطارات روسيا كانت بسبب المدفوعات المالية عبر تلك البطاقات التي تم إيقافها كنوع من العقوبات الاقتصادية على روسيا، إلى جانب أن المملكة تملك (STC Pay) ومثيلاتها تحمي المدفوعات المالية للأشخاص دون الحاجة إلى أنظمة أو بطاقات مالية عالمية قد تتوقف في أي حالة من الاضطرابات الجيوسياسية، مطالبا بزيادة هذا البطاقات السعودية وتطوير مهامها إلى جانب التطبيقات الآمنة داخل المملكة، وكذلك إنشاء شبكة داخلية إلا أن نطاقات الشبكات (com, net) لا نملكها في المملكة، ونطمح أن يكون لدينا نطاقات نتحكم فيها، بالإضافة أن مراكز المعلومات يجب أن تكون مستضافة داخل المملكة.

إنترنت داخلي

ويؤكد سالم الحربي، خبير تقني، على ضرورة أن يكون لدينا خوادم وسيرفرات تملكها الدولة وتدار من الداخل، مع ضرورة البدء فيها فأزمة روسيا وأوكرانيا تعطينا عبر بأخذ الاحتياطات بعد قطع الإنترنت عن روسيا إلا أن روسيا تملك شبكة داخلية اسمها "رونت" فتأثرها أصبح قليلا في إدارة منظومتها بجميع اختلافاتها المالية والاقتصادية والعسكرية والتعليمية والصحية وتصفح الإنترنت من داخل الدولة، على غرار الصين التي تملك شبكة إنترنت داخلية وخوادم داخلية تدار من قبل الصين مثل "الدرع الذهبي" و"الجدار الناري العظيم" بعد حظر كثير من البرامج والخوادم والشبكات والمواقع وغيرها.

د. هشام عباسسالم الحربيعبدالرحمن القراشم. خالد الذوادي