الديالمي يدعو إلى إباحة العلاقة الجنسية والمثلية
دعا عبد الصمد الديالمي، عالم اجتماع، إلى “حذف الفصل 490 (من مجموعة القانون الجنائي المغربي) الذي يجرم كل علاقة جنسية (جنحة فساد) بين رجل وامرأة عازبين مع الخلط بين العلاقة القائمة على الرغبة المتبادلة والحب وبين العلاقة البغائية، وهو الفصل الذي يُعَلمِنُ تحريم زنا غير المحصن خوفا من خطر اختلاط الأنساب والأموال وحفاظا على الشرف والعرض”.
وأوضح الديالمي، في منشور له بعنوان “توصيات من أجل قانون جنائي تحريري”، أن “إباحة العلاقة الجنسية قبل الزواج وسيلة أساسية للوقاية من الحمل غير المقصود ومن الإجهاض السري ومن العنف الجنسي بكل أشكاله، وينبغي أن يصاحب حذف الفصل 490 مأسسة تربية جنسية شاملة في التعليم العمومي بكل أشكاله ومستوياته”.
وأردف الباحث: “يجب حذف الفصل 491 المجرم للخيانة الزوجية (المُعَلْمِن لزنا المُحْصَن) وتحويل الخيانة الزوجية إلى قضية مدنية لا دخل للدولة (عبر النيابة العامة) فيها”، مطالبا في الوقت نفسه بحذف الفصول المتعلقة بتجريم الإجهاض في المغرب.
وتوقّف عالم الاجتماع عند هذه النقطة بالقول: “نتيجة لأميته الفقهية، لا يعرف المواطن المغربي (العادي) أن الشافعية والحنابلة يجيزون الإجهاض (الإسقاط) قبل بلوغ الحمل أربعين يوما (يباح ما لم يتخلق)، ولا يعرف أيضا أن الحنفية والظاهرية يبيحونه في الشهور الأربعة الأولى من الحمل، أي قبل نفخ الروح”.
“أما الإجماع على تحريم الإسقاط، فيتعلق بالحمل ابتداء من الشهر الخامس (ما عدا إذا خيف على حياة المرأة الحامل)؛ لذلك، من حق المغربي كمواطن أن يعرف كل الآراء الفقهية السنية (والشيعية أيضا)، لكنه لا يعامل كمواطن وإنما ككائن ينبغي تحويله إلى مسلم مالكي متعصب للمالكية”، يورد المصدر عينه.
كما نادى الباحث ذاته بـ”حذف الفصل 489 الذي يجرم العلاقة الجنسية المثلية، والذي ينبني على تأويل قابل للنقاش لآيات قرآنية وعلى حديث غير وارد في الصحيحين”، مؤكدا أنه قد “آن الأوان للتوقف عن اعتبار آراء الظاهرة والرافضة من المثلية الجنسية بدعة وضلالة، وآن الأوان لإعطاء مصير قانوني لهذه الآراء التي تبرئ الجنس مثلي والتي لا تقول بحده أو بتعزيره”.
وبناء على ذلك، طالب الديالمي بـ”تحرير الرأي العام والقانون الجنائي من المنظور المالكي في موضوع الإيقاف الإرادي للحمل، وتعويض مفهومي الإجهاض والإيقاف الإرادي للحمل بمفهوم الإيقاف الضروري للحمل لأسباب طبية، علاجية أو اجتماعية قاهرة”.
ولفت المنشور عينه إلى أهمية إصلاح الفصل 160 الخاص بالاستلحاق في مدونة الأسرة، معتبرا أن “الاستلحاق مكسب مهم لكونه وثيقة قانونية تثبت إقرار الأبوة خارج الزواج بإشهاد رسمي أو بخط المُقِرِّ الذي لا شك فيه، لكن ما يطبع الاستلحاق من نقص أنه اعتراف حر اختياري من طرف الوالد، اعتراف لا يجبره القانون على الإدلاء به، فتحول الوالد البيولوجي إلى أب قانوني فعل اختياري سيادي”.
وتابع: “لا وجود لسلطة قانونية قهرية تجبر الوالد على الإقرار بأبوته وعلى تحمل كل التبعات القانونية لذلك. من ثم، العمل على تمكين الأم العازب من حق الحصول على اختبار الحمض النووي وعلى جعل الاستلحاق أمرا قضائيا إجباريا عند ثبوت والدية الشريك الجنسي، وهو إصلاح سيراعي مصلحة الطفل العليا، فعدم ربط الطفل بوالده البيولوجي عنف ضد الطفل وخرق لحقوقه الأساسية من نسب ونفقة وإرث”.
وفيما يخص الحريات الفردية الدينية، أورد الديالمي أن “التوليف بين المذاهب سمي تلفيقا من طرف الفقهاء المتمذهبين، وعلينا اليوم أن نسميه تحررا مذهبيا وأن نجعل منه قاعدة جديدة لاجتهاد جديد في مجتمع إسلامي جديد”، مبرزا أن “الحرية الدينية هي الكفيلة لوحدها بضمان إيمان صادق وحقيقي لدى الفرد، وهي التي تجعل الدولة تتعامل مع الفرد كإنسان راشد يتحمل مسؤولية اختياراته الحياتية، وعلى رأسها اختياراته الدينية”.
وأوصى الباحث بـ”الإقرار بحرية العقيدة والضمير في الدستور عوض الاكتفاء بالإقرار بحرية العبادات؛ ذلك أن استنطاق المواطن بسبب معتقداته الدينية شيء غير مقبول، كما أن متابعة المتحول الديني باسم الفصل 220 أمر لا يستقيم قانونيا لأن المتحول ليس مبشرا، بل ينبغي الانتهاء من تجريم التبشير نفسه، والانتهاء من اعتبار الإلحاد (وكل أشكال “الردة”) مرضا أو جريمة أو خيانة وطنية”.
ودعت الوثيقة إلى “حذف الفصل 222 والتوقف عن تجريم الإفطار العلني خلال شهر رمضان، أي عدم اعتبار الصيام نظاما عموميا في شهر رمضان”، معللة ذلك بكون “قراءة النص الديني، سواء كان قرآنا أو سنة، ليست حكرا على الفقهاء وحدهم، بل هو نص قابل للقراءة والتأويل من طرف العلماء الآخرين مثل علماء الاجتماع والاقتصاد والتاريخ واللغة، فنحن في حاجة استراتيجية لقراءاته من جوانب متعددة حتى يتسنى لنا فهمه وتطبيقه بشكل ملائم”.